◄◄ أول نكتة مصرية قليلة الأدب عن سمو الأمير .. من الشعب المصرى إلى ويليام ابن الأميرة ديانا بعد زفافه على مُزّة الإنجليز كايت ميدلتون فى قصر بكنجهام: يا ترى رفعت راس بريطانيا يا برنس ولا عملت إيه؟
فى مصر، يتزوج العريس والعروسة فيخطف المأذون المنديل، وتبكى أم العروسة، ويسكب الأطفال الكوكاكولا على ملابس آبائهم، ويحصلان على لقب: زوج وزوجة. أما فى إنجلترا فيتزوج الأمير بفتاة من الشعب ليشاهدهما أكثر من ألفين فى القصر وأكثر من مليار على الشاشات ويحصلان على لقب: دوق ودوقة.
السؤال الجوهرى الذى يطرح نفسه دائماً على العريس لدينا بعدما ينتهى من إجازة العسل ويعود إلى المقهى أو إلى العمل: رفعت راس مصر يا معلم ولا كسفتنا؟؟ فيحمر وجه العريس فجأة ثم يطمئن أصدقاءه على سمعة مصر فى الخارج.
فى مصر، يذهب العريس قبل الفرح إلى الاستوديو ويتفق على تصوير الزفاف بالفيديو حسب قائمة محددة سلفاً: فرح بس؟ ولا فرح وزفة؟ ولا فرح وزفة وكوافير؟ ولا فرح وزفة وكوافير ولحد باب الشقة؟ ويتفق العريس كذلك أو من ينوب عنه مع مستودع البيبسى ومحل الجاتوه وأحياناً مع موزع البيرة وديللر الحشيش، أما فى إنجلترا فدون أن يكلف الأمير نفسه عناء الاتفاقات نشرت الشرطة البريطانية خمسة آلاف شرطى فى الشوارع لحفظ الأمن وسط عشرات الآلاف الذين احتشدوا على طول طرقات الموكب الملكى للتلويح ومشاهدة العروسين، وفى المقابل انتشر وسط الحشود أكثر من ثمانية آلاف صحفى ومصور عالمى لنقل وقائع الاحتفال إلى المليارات فى جميع أنحاء العالم.
أسقف كانتربرى بكنيسة «وستمينستر آبى» هو الذى عقد القران وأعلن عن الرباط المقدس بين ويليام وكايت وسط حضور أعضاء العائلة المالكة البريطانية: الملكة إليزابيث وزوجها فيليب والأمير تشارلز والد العريس وزوجته كاميلا، وهو ما يحدث عندنا فى مصر غالبا، فالمأذون يعقد القران فى الجامع أو فى مشيخة الأزهر، وبمجرد انتهائه تنطلق الزغاريد الحيانى فى الهواء، و«عقبال عندك يا أم مازن.. وربنا يكتر أفراحكم يا أم ماجد»، ويحضر الزفاف كل أقارب وجيران ومعارف وزملاء العروسين وأقارب الأقارب وزملاء المعارف وجيران الأقارب، حتى يكاد أن يكون الفرق الوحيد بين الزفاف المصرى والإنجليزى فى هذه النقطة هو أن فرح ويليام عدى على خير، دون أن ينتهى كعادة الأفراح المصرية بخناقة وإصابات، خصوصاً وأن العريس يتيم الأم، ولديه زوجة أب يجدر بها أن تخترع سبباً لضرب كرسى فى كلوب فرح ابن ضرتها المتوفاة.
فى مصر، اللى بيحب العريس ميضربش نار، أما فى بريطانيا فالتحذير جاء كالتالى: اللى بيحب العريس ما يدخلش على الفيس بوك، فقبل الزفاف أصدر القصر أمراً ملكياً بعدم استخدام المواقع الاجتماعية كتويتر وفيس بوك من حضور الحفل بحجة «الحفاظ على الهيبة الملكية»، ولم يتم الاكتفاء بالأمر الملكى بل قلدت الشرطة البريطانية زميلتها الشرطة المصرية أثناء الثورة ووضعت أجهزة تشويش إلكترونية فى محيط الزفاف لمنع الشوشرة والتوترة والفسبكة، وطبعا منع الحضور القليل من التريقة على الزفاف لم يمنع الملايين التى لم تحضر من السخرية، وخاصة المصريين الذين لا يتركون شاردة ولا واردة إلا أنشأوا لها الصفحات والجروبات أو الاستيتيوسات على أقل تقدير، فجاءت أغلب التعليقات المصرية عن أصحاب الأمير وأصحاب العروسة وقرص العريس فى «ضهره» وعن قرص العروسة فى ركبتها من أجل اللحاق بها فى جمعتها.
للأسف الشديد، غاب الدى جى عن حفل ويليام وكايت، فحرما نفسيهما من المتعة والإثارة التى يفوز بهما أى عروسين مصريين يجلسان فى الكوشة يتمايلان على أنغام موسيقى الفرح العالية لدرجة أن العريس يميل كل قليل على عروسه ويصرخ فى أذنها حتى تسمعه، وهو أمر مقصود طبعا للتقريب بين العروسين، تمهيداً للأمر الجلل الذى سيقدمان عليه بعد الزفاف. وللأسف الشديد كذلك اختفت عن زفاف الأمير ومزته الملامح المميزة لأى فرح عصرى فى الألفية الجديدة من افتتاحه بأسماء الله الحسنى لهشام عباس ثم الدخول على أغنية سعد الصغير الشهيرة: النهاردة فرحى يا جدعان.. عاوز كله يبقى تمام، ثم الخروج منها على الأغنية الإيقاعية: «على يا على يا على على يا على.. هو مين على ده؟» التى تدفع أى فتاة تقدر أنوثتها للنزول إلى الحلبة وإعلان قدراتها فى الرقص كمصيدة شهيرة لعريس محتمل، ثم يحتدم الفرح وينخرط المعازيم فى الشرب فينزل الدى جى بالأغنية المناسبة للمقام: شربت حجرين ع الشيشة.. ع الشيشة.. ع الشيشة، مع النص وسعد وويشة.. ع الشيشة.. ع الشيشة.
ومن المشاهد المصرية الشهيرة التى غابت عن الزفاف الملكى، مشهد العروسين وكل منهما يمسك بكأس العصير ويدلقه فى بق الآخر.. وحين يشغل الدى جى موسيقى هادئة ويطلب من العروسين النزول من الكوشة حتى يرقصا «سلو» فيظل العريس يرفض حتى يجذبه أصدقاؤه وينزل ليرقص وهو مكشر فى البداية، ثم ما يلبث أن يندمج فيترك العروسة ويرقص لوحده بلدى.. ومشهد عدد كبير من المعازيم وهم يلحون على إحدى الفتيات للنزول للرقص وهى ترفض بخجل شديد ثم تنصاع لطلبهم المتكرر وتنزل فتفاجأ بها فوراً وقد تحولت إلى نعيمة عاكف فى فيلم تمر حنة.
لكن ما يجمع تفاصيل ما قبل الزواج بين ويليام وكايت وأى شاب وفتاة مصرية أكثر بكثير مما يفرقهما، ويكفى أن نعرف أن الفترة بين تعارف الزوجين الملكيين وزواجهما استغرقت 10 سنوات كاملة، وهى تقريبا الفترة نفسها التى يستغرقها أى شابين مصريين للزواج، فالأمر يستغرق بضعة أشهر حتى يتجرأ الشاب ويصارح فتاته بإعجابه بها، ثم تأخذ هى شهوراً أخرى حتى ترد عليه، ثم يستغرقان سنوات طويلة حتى يدبرا مصاريف الشقة والعفش والشبكة والمهر والفرح.
ويليام وكايت تعارفا فى الجامعة كأى شابين مصريين، ووقفت كايت بجانبه حين كان يفكر فى ترك الجامعة حين يجد صعوبة فى الدراسة، يضاف هنا أن الشاب المصرى فى الغالب يترك الجامعة ليعمل على ميكروباص.
وكما يفكر بعض طلاب الجامعة فى مصر فى الهروب إلى الزواج العرفى أقام ويليام وكايت فى شقة واحدة أثناء الدراسة، لكن كما يحدث فى أفلام ومسلسلات الجامعات المصرية انشغلت كايت بطالب آخر ونفّضت لأخينا العاشق المهزوم ويليام، (وهنا تنزل موسيقى تصويرية أو أغنية حزينة لمصطفى قمر)، لكن تعود المياه لمجاريها وكما يحدث فى الأفلام العربية أيضاً أهدى ويليام لكايت خاتم زواج أمه الأميرة ديانا (موسيقى هادئة أو أغنية عاطفية لهانى شاكر أو مدحت صالح).
والله بالظبط كما يحدث فى مصر يا جدعان، دخل ويليام الجيش وبدأت العلاقة تفتر بينه وبين كايت، (غالباً معجبهاش شكله بعد ما حلق شعره ميرى، أو ريحة الشراب فى البيادة كانت صعبة) لكنهما عادا للظهور معا بعد هذا، وكأى فتاة مصرية حويطة نجحت كايت فى كسب ود عائلة ويليام، وفى 2010 وفى قعدة رجالة تم الاتفاق على التفاصيل، وأكيد أكيد خرج رجل وقور وقال: خير البر عاجله، فاتفقوا على إعلان الخطوبة فى 29 أبريل، على أن يكون كتب الكتاب والدخلة معا بعد سنة، لكن ربما يكون الاختلاف الوحيد أنهم لم يقرأوا الفاتحة فى نهاية القعدة، ثم يمسح كل واحد منهم يده فى وجه.
كايت أيضاً مثل أى مزة مصرية عادية، عملت لفترة بعد التخرج فى شركة ملابس ثم جلست فى البيت مع أمها تنتظر العَدَل، انتظاراً لرجل يقدرها حق قدرها ويستطيع أن «يستتها» ويرحمها من مشقة العمل وبهدلة المواصلات، وهاهى فى النهاية نجحت فى مخططها وحققت ما فشل فيه الكثير من المصريات بفضل التخطيط السليم.. كايت اتجوزت وقعدت فى البيت.