شباب الثورة.. وأزمة الحوار

العالم كلُّه يراقب الثورة المصريَّة ويتابعها عن كثب، وينظر إلى المصريين بانبهار بالغ وهم يصنعون مستقبل وطنهم، وكيف أنهم يطوون صفحة الاستبداد ويسعون حثيثًا إلى الديمقراطيَّة، ومن ظلمات الكبت إلى نور الحرية، ومن حكم الفرد والديكتاتورية إلى العدالة والتعددية السياسيَّة،
فمصر رائدةُ العرب فى الشرق.. قدَّر الله لها أن تحيا وألا تموت، رغم كل محاولات النظام البائد لتقزيم دور مصر.. والحمد لله عادت الحياة لمصر مع ثورة الخامس والعشرين من يناير.
ومنذ أيام نظّم المجلس الأعلى للقوات المسلحة لقاءً مع ممثلى شباب الثورة على مسرح الجلاء بمصر الجديدة، وكنت من المشاركين ضمن التجمع الوطنى لحماية الثورة، حيث شارك فى اللقاء أكثر من 1200 شاب، يمثلون 153 ائتلافًا من مختلف القوى السياسيَّة، وكان اللقاء مثمرًا.
لكن تبقى الملاحظة الأولى على اللقاء، وهى أنّ دعوة المجلس العسكرى لشباب الثورة كانت تحتاج إلى كثيرٍ من الترتيب؛ لتحديد أجندة الحوار والمناقشة، وكان لابدَّ من التخطيط قبلها بفترة.
ثانيًا: الكثير من الشباب يفتقد روح وآداب الحوار فى نقاشه مع قادة المجلس العسكرى، فضلًا عن الحماس الزائد عند البعض، الذى كاد أن يحوّل الحوار إلى فوضى، بالإضافة إلى سمة بارزة عند الكثيرين، وهى عدم قبول الآخر، أو الصبر على سماع الرأى المخالف.
ويبدو من كثرة المقاطعات لشباب الثورة والهتافات أن الكلَّ متخوف من وصول الإخوان لكرسى الحكم، أو تحقيق أغلبيَّة ساحقة فى البرلمان، فالبعض وصفها صراحة بالكارثة.. وتلك مصيبةٌ أن نكفر بالديمقراطيَّة عبر صناديق الاقتراع من أول انتخابات حرة ونزيهة.
والغريب أن البعض يعزو ذلك لكون الإخوان يملكون تنظيمًا محكمًا، ويسيطرون على الشارع، ولا ندرى هل التنظيم المحكم سُبَّة أم ميزة جاءت من جهدٍ وعرق، خاصة أن الجماعة لاقت صنوفًا من التضييق والمطاردات الأمنيَّة والمحاكمات العسكريَّة الجائرة، وكان من نصيبها اعتقال أكثر من مائة ألف من أعضائها وقياداتها.. ولماذا فرطت وضعفت واستكانت وتخلت القوى السياسيَّة الأخرى عن الشارع؟! رغم ما كانت تعيشه من بحبوحة فى العيش، إذا قيست بما لاقاه التيار الإسلامى على يد النظام البائد!!