أثبتت الحوارات المتعددة التى تجرى فى مصر الآن أننا لازلنا فى مرحلة الروضة الأولى "كيجى ون" من تعلم أساليب وآليات الحوار وأننا فى حاجة ماسة إلى استكمال تعلم أسس وآداب وطرق الحوار كما هى حاجاتنا إلى تعليم أشياء كثيرة ومعارف متعددة وتغيير قيم وأفكار فاسدة غرسها النظام السابق فى النفوس والعقول وبثها فى وسائل الإعلام والتعليم على مدار سنوات طويلة.
فقد كان الحوار فى عهد النظام السابق يسير فى اتجاه واحد لا يعرف الرأى والرأى الآخر، فالجميع يصفق لكل ما يقوله الرئيس السابق وأعوانه، سواء كان الكلام صحيحاً أو خطأً، أو كان على حق أو باطل، أو ضاراً أو نافعاً، كما كان رجال النظام السابق يطبقون منهج من ليس معى فهو ضدى يجب إقصاؤه والقضاء عليه.
من المؤسف أن الكثير من هذه القيم الاستبدادية سيطرت على آليات الحوار فى مصر بعد الثورة، فبالرغم من تعدد الحوارات ما بين الحوار الوطنى والوفاق الوطنى وغيرها من الحوارات بين الشباب والمجلس العسكرى أو رئاسة الوزراء، عبر يحيى الجمل أو عبد العزيز حجازى وغيرهم، إلا أن جميع هذه الحوارات لم ترتق إلى مقام ثورة 25 يناير المجيدة، بل كشفت أننا لازلنا فى حاجة إلى تعليم آليات الحوار والإيمان به قبل الدخول فيه، فقد سعى البعض إلى الهيمنة على الحوارات وفرض رأيه بالإكراه، بل حاول البعض إقصاء البعض الآخر بنفس الطريقة التى كان يتحاور بها النظام السابق، كما سعت بعض الجماعات والائتلافات إلى الهيمنة على الحوار من خلال حشد أكبر عدد من أعضائها على حساب ائتلافات وجماعات أخرى تم تهميشها بقصد أو دون قصد.
كما اعتقد البعض أن فرض الرأى بالقوة والصوت العالى شجاعة، أما الإنسان الحليم صاحب الفكر الواسع والرؤية الثاقبة والنظرة المستقبلية جبان طالما أنه لايملك قوة صوت وفرض الرأى وحتى لو كان يمتلك قوة الحجة والدليل والبرهان، كما إعتبر البعض أن المختلفين معهم فى الحوار خونة لله والوطن يجب القضاء عليهم وليس الحوار معهم، لذلك فشلت جميع الحوارات التى انطلقت بعد الثورة ولم تفلح فى الاتفاق على شىء والإرتقاء إلى نهج الثورة، بل أدت إلى تشتيت الائتلافات والجماعات والتيارات، مما أدى إلى غياب روح الثورة تدريجياً حتى بتات الثورة فى خطر فى ظل تشتت الشباب نتيجة تطبيق سياسة "فرِق تسد" ومحاولة البعض للصعود إلى سلم المجد والشهرة على حساب مصر وثورتها المجيدة.
فقد أصبح الجدل والصراع والتخوين سيد الموقف فى كل الحوارات، ولم يعد الحوار فى مصر كما عرًفه العلماء بأنه من المُحاورة والمٌحاورة وهى المُراجعة فى الكلام، وليس فرضه على الآخرين، كما أن الغاية من الحوار تكمن فى إقامةُ الحجة، ودفعُ الشبهة والفاسد من القول والرأى، وتعاون المُتحاورين على معرفة الحقيقة والتَّوصُّل إليها، ليكشف كل طرف ما خفى على صاحبه منها، والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق، ولكن ما يحدث فى حواراتنا أبعد ما يكون عن التعاون أو السعى للوصول إلى الحقائق ومعرفة الطريق الصحيح لمستقبل البلاد والعباد، وإنما أصبح المشاركون فى الحوار كل منهما يتباهى بقوته وقدرته على التشويش على الآخرين، بل كل منهم يبدع فى إقصاء الآخر.
إننا يجب أن نعلم أن الخلاف واقع بين الناس فى مختلف الأعصار والأمصار، وهو سنَّة الله فى خلقه، فالناس مختلفون فى ألوانهم وألسنتهم وطباعهم ومعارفهم وعقولهم، ولكن هذا الاختلاف لايعنى القضاء على الطرف الآخر، بل حسن الاستماع إليه ورد الحجة بالحجة للوصول إلى الحقيقة، والإنصياع إلى إرادة الشعب باعتبارها الفصيل فى الأمر.
إن ماتفعله التيا رات السياسية فى مصر على مختلف أيدلوجياتها ومحاولة كل منها إقصاء الآخر، أصبح بمثابة ما تفعله الهراوات فى الدول الشمولية ورجال أمن الدولة فى النظام السابق ولكن مع اختلاف الطريقة والشكل إلا أن النتيجة واحدة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ضابط مهندس اشرف البيلي
سنة اولى حوار
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
مقال مريح للاعصاب
عدد الردود 0
بواسطة:
salo
الف باء الحوار
عدد الردود 0
بواسطة:
omran
حوار اية الا جي تقول عليه هو سلاحي فين والبلطجية بيعملو اية