ثورة مثل ثورة 25 يناير بما أنجزته من إيجابيات من إسقاط للخوف وأزالت كل الخطوط الحمراء والواقع المعيش الآن من غياب أمنى وتفكك للدولة وصراع سياسى بين كل الفصائل السياسية بعد أن غيبت تلك الفصائل دور وروح الثورة واستحضرت مصلحتها الحزبية وعلّت من أفكارها الأيديولوجية.. هذا يجعلنا ألا نلتفت إلى الماضى حتى لا يستغرقنا ونتوه فى بؤرة العتمة، لكن كيف هذا والماضى بوقائعه والتاريخ بأحداثه وحكمته يجعلنا لا نستطيع إسقاط ذلك التاريخ ولا تجاهل تلك الأحداث ولا الاهتمام بحكمته، والفساد فى هذا الإطار وكمه وحجمه وشكله ونوعه وفجوره يجعلنا نتوقف بعض الشىء أمام بعض وقائع الفساد، وليس هذا ارتدادا للخلف ولكنه بحث عن جذور ذلك الفساد المتجذر الآن فى التربة المصرية حتى نستطيع تحديد تلك الجذور والوصول إلى منتهاها لاقتلاعه وإحراق تلك الجذور؛ حتى يمكن إعادة زراعة الأرض بكل ما هو خير لهذا الوطن.. وأحداث وقضايا الفساد المتداولة هذه الأيام كثيرة ومريبة، ولكن هنا سنأخذ مثلا فى واقعتين ليستا بجديدتين، ولكن كان قد تم تداولهما قبل ذلك، ولكن تجديد ذلك التداول الآن هو بيت القصيد.. كان قد تقدم النائب الشجاع علاء عبدالمنعم مع آخرين ببلاغ عن فساد إبراهيم سليمان وقدم المستندات وتمت التحقيقات لأيام، ولكن كانت النتيجة نظرا لتجذر هذا الفساد هى إبراء ذمة إبراهيم سليمان واتهام علاء بالسب والقذف.
المصيبة الثانية عندما قامت جريدة الشعب، لسان حزب العمل المجمد، بعدة تحقيقات صحفية غير مسبوقة فى ذلك العهد السابق كله، حتى أنها أسقطت وزير الداخلية الأسبق نتيجة لأحد هذه التحقيقات ومتابعتها سياسيا، والأهم أن الجريدة كانت قد تابعت قضية ما يسمى بالمبيدات المسرطنة، وكانت الاتهامات موجهة إلى يوسف والى، وقُدم المسؤولون عن الجريدة للمحاكمة بتهمة السب والقذف أيضا، حيث كانت التهمة الجاهزة ضد المعارضة، وقدم المتهمون كل المستندات التى تثبت اتهام والى، ولكن المحكمة بدلا من أن تصدر حكما بسجن والى حكمت بسجن الأستاذ عادل حسين والإخوة مجدى حسين وصلاح بديوى.. كانت أحكاما وصلت إلى السجن ثلاث سنوات، والغريب أن الثلاثة قضوا الأحكام الصادرة ضدهم.. ونعود الآن إلى محاكمة إبراهيم سليمان ويوسف والى فى نفس القضية وبذات الاتهامات، فقد أمرت المحكمة بحبس سليمان خمسة عشر يوما لاتهامه بالتزوير والإضرار العمدى للمال العام واستغلال النفوذ والتربح ونهب ثروات الشعب وتخصيص أراض لأفراد أسرته والمقربين منه، كما أن يوسف والى يتم التحقيق معه فى قضية المبيدات المسرطنة الآن، مع العلم أن ذات القضية بعد حبس الصحفيين فيها كانت قد قدمت للمحاكمة وسجن فيها يوسف عبدالرحمن تلميذ والى النجيب عشر سنوات، والأهم أن المحكمة مع هذا الحكم على عبدالرحمن كانت قد طلبت من النيابة العامة اتخاذ الإجراءات القانونية فيما هو ثابت فى أوراق الدعوى ومستنداتها من موافقة والى على استيراد مبيدات مسرطنة محظور استيرادها بموجب القرار الوزارى رقم 874 لسنة 1996 ثم موافقته لاحقا على استخدامها فى مكافحة الآفات الزراعية وإصدار شهادة تضمنت أن المبيدات تمت تجربتها داخل مصر وثبت عدم خطورتها على صحة الإنسان رغم عدم صحة هذا كما ورد فى أسباب الحكم على يوسف عبدالرحمن، ومع كل ذلك لم يجرؤ أحد لا النيابة العامة ولا المحكمة على استدعاء والى للإدلاء حتى بأقواله وليس توجيه الاتهام (لا سمح الله). وهنا نقول هل هذه الدراما التراجيدية المفجعة لا تجعلنا نسأل: من الذى تستر على إبراهيم سليمان ويوسف والى؟ وهل هم المسؤولون عن النيابة أو (المحكمة)؟ وأين الأجهزة الرقابية التى كانت نائمة سابقا ولم تقدم ما يدين سليمان ثم قدمت بعد ذلك؟ ومن ذا الذى يعوض الأبطال الشرفاء الذين حاربوا الفساد فى وقت كان لا يوجد فيه غير الفساد؟ وعلى من مسؤولية سجن الأبرياء وإطلاق سراح الفاسدين؟ وهل يمكن متابعة الفساد فى كل مناحى الحياة؟ ونريد الاستفسار عن قرار النيابة التى لم تستدع والى أو التى أفرجت عن سليمان؟ فهل هذا كان قرارها أم قرار من؟ وكيف نستفيد من مثل تلك الوقائع بمستقبل مصر ولإنجاح الثورة وحتى لا تعود ريما لعادتها القديمة؟!
عدد الردود 0
بواسطة:
د/أشرف زرد
كاتب مصرى من الطرازالاول النادر جمال اسعد
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
رد حكيم
عدد الردود 0
بواسطة:
رامى اسعد
الفساد كلاكيت تانى مرة