طالعتنا وسائل الإعلام بأخبار عن خطط ألمانيا وسويسرا إيقاف مفاعلاتهما النووية فى العشر أو العشرين سنة القادمة وبعد انتهاء عمرها الافتراضى. وحيث إن كثيرا من المصريين، وربما أيضا بعض متخذى القرار، قد يتأثروا بهذه الأخبار فإلى هؤلاء أقول:
أولا، إذا قررت دولتان الشروع فى إيقاف مفاعلاتهما النووية فإنه ما زالت هناك حوالى ثلاثون دولة عند قرارها فى الاستمرار فى تشغيل مفاعلاتها النووية بل وفى إنشاء المزيد منها وهناك دول مثل فرنسا تساهم الطاقة النووية بها بحوالى 80% من إجمالى إنتاج الكهرباء بأراضيها وهناك دول مثل الصين يوجد بها أكثر من عشرين محطة نووية تحت الإنشاء فى ذات الوقت، بل هناك دول تعداد سكانها حوالى العشرة ملايين وبها العديد من المحطات النووية الشغالة مثل السويد (حوالى 9 مليون نسمة) وبها 10 مفاعلات نووية شغالة لتوليد الكهرباء وفنلندا (حوالى 5 مليون نسمة) وبها 4 مفاعلات نووية شغالة وجمهورية التشيك (حوالى 10 مليون نسمة) وبها 6 مفاعلات نووية شغالة وبلجيكا (حوالى 11 مليون نسمة) وبها 7 مفاعلات نووية شغالة.
ثانيا، كل دولة تأخذ قرارها طبقا لمعطياتها المحلية وليس طبقا لمعطيات دولة أو دول أخرها فلكل دولة ظروفها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والتى ليس بالضرورة أن تتشابه مع غيرها من الدول، والتى بناء عليها تضع إستراتيجية وخطط إنتاج الطاقة الكهربية بها وتخطط لمصادر إنتاج هذه الطاقة وطبقا لمصادر الطاقة المتوفرة بها. فألمانيا على سبيل المثال يساهم الفحم فى إنتاج حوالى نصف إجمالى الطاقة الكهربية المنتجة بأراضيها فى حين أن السويد تساهم المساقط المائية فى إنتاج حوالى نصف إجمالى الطاقة الكهربية المنتجة بأراضيها وفى فرنسا تساهم الطاقة النووية فى إنتاج أكثر من ثلاثة أرباع إجمالى الطاقة الكهربية المنتجة بأراضيها.
ثالثا، ألمانيا وسويسرا من الدول التى ليس لديها تزايد حقيقى فى عدد السكان وبالتالى ليست فى حاجة إلى زيادة معدلات إنتاج الكهرباء بأراضيها فى حين أن معدل تزايد السكان فى مصر يزيد عن 2% سنويا ومعدل تزايد استهلاك الكهرباء فى مصر يزيد بحوالى 7% سنويا وعلى أقل تقدير.
رابعا، ليس لدى ألمانيا وسويسرا مشكلة فى استيراد الكهرباء من فرنسا والتى تقع على حدودها وخاصة أن اقتصادهما قوى ما فيه الكفاية ولا توجد لديهما مشاكل حالية أو محتملة من حيث منع هذه الكهرباء عنهما لظروف سياسية أو عسكرية.
خامسا أن قرار ألمانيا وسويسرا له أسباب سياسية قد تكون وقتية وقد يتم الرجوع عنها مستقبلا مثلما حدث فى الماضى فى السويد.
خلاصة القول: إن إسترتيجية انتاج الكهرباء فى مصر تستلزم الاعتماد المتزايد على الطاقة النووية مدعومة بالتوسع فى استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة وعلى رأسها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والحد التدريجى من الاعتماد على البترول والغاز فى إنتاج الكهرباء. وهذه الإسترتيجية لايمكن أن تكون ألعوبة فى إيدى مرتعشة تغيرها وتبدل فيها تأثرا بأحداث خارجية أو انقيادا لسياسات دول خارجية أو طبقا لأهواء أشخاص هنا أو هناك. أللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
• خبير الشئون النووية والطاقة وكبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية (سابقا)
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مجدي المنسي
إحنا طيبين
عدد الردود 0
بواسطة:
منير
لم تتطرق الي خطورة الكوارث الطبيعية
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالله الجوادى
هو ده الكلام