كمال حبيب

النموذج التركى

السبت، 18 يونيو 2011 04:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فاز حزب العدالة والتنمية التركى للمرة الثالثة بما يمكنه من تشكيل الحكومة وحده دون حاجة لائتلاف مع أحزاب أخرى، وقدم أرودوغان والذين معه، عبد الله جول، وأحمد داود أوغلو، ما اعتبر فى العالم العربى أنه نموذج لإدارة الدولة والحكم من ناحية، وللتوفيق بين الإسلام والحداثة والديموقراطية والعصر من جهة أخرى.

وقد حضرت ندوة نظمها مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية الذى يديره الصديق مصطفى اللباد، استضاف المركز عددا من مرشحى الرئاسة فى مصر، منهم أيمن نور ومجدى حتاتة وهشام البسطويسى وحمدين صباحى، وكان أحد الأسئلة الرئيسية من عدد من الأسئلة التى جاوزت العشرين والموجهة للمرشحين المحتملين للرئاسة هو رؤيته للنموذج التركى، أى كيف يرى النموذج التركى؟ وهل هو صالح للحالة المصرية؟

وفى الواقع فإن النموذج التركى مطروح بقوة على العقل المصرى والعربى منذ قدرة حزب العدالة والتنمية أن يأخذ تركيا من اقتصاد متعثر هش إلى أحد الاقتصادات الأكبر فى أوروبا بل والعالم كله، كما أنه ارتفع بمستوى دخل الفرد التركى إلى أكثر من عشرة آلاف دولار، وفتح الباب واسعا للشركات التركية ذات رأس المال الكبير للعمل بدون قيود فى العالم كله، وفوق ذلك كله فإن الضمير التركى يجعل الصناعات التركية نموذجا للجودة والرخص بأفضل من الصناعات الأوروبية والأمريكية والآسيوية.

ليس هذا فقط، فإن أحد الإبداعات التركية هو قدرة حزب العدالة والتنمية أن يقدم نفسه بأنه حزب سياسى لكل الأتراك، وهم يقولون بلا مواربة إنهم حزب سياسى وليسوا حزبا إسلاميا، ذلك أن المجتمعات ذات الأغلبية الإسلامية تحتاج لأحزاب تتنافس على قاعدة البرامج السياسية وليس على قاعدة الدين، لأنها فى ذلك الوقت ستكون عامل انقسام فى المجتمع، فمعيار التنافس السياسى هو البرنامج السياسى واختيار الناس للحزب على أساس قدرته على تحقيق الالتزام ببرنامجه فى ممارساته الحركية.

من بين أفضل ما قدمه النموذج التركى للعالم هو استخدام قوته الناعمة على مستوى الدبلوماسية وعلى مستوى التواصل مع الشعوب العربية، فعلى المستوى الدبلوماسى فإن تركيا تستخدم تعبيرا مثيرا للاهتمام وهو «العلاقات الصافية»، أى العلاقات القائمة على تصفية المشاكل مع الجيران، أو تصفير المشاكل، أى جعلها صفرا، ورغم أن الجيش التركى من أقوى جيوش المنطقة، فإن ساسته لم يشيروا أبدا إلى القوة العسكرية كإحدى أدوات نموذجهم، وعلى مستوى العلاقات مع الشعوب فإن المدارس التركية فى مصر وفى آسيا الوسطى والعالم تقدم نموذجا فريدا فى جودة التعليم، كما أن الدراما التركية بصرف النظر عن انفلاتها الأخلاقى هى إحدى الأدوات التى تسوق لذلك النموذج.

ولقد أثار التفاتى أن حمدين صباحى فى إجابته عن النموذج التركى قد اعتبره مصدر إلهام للمصريين على صعيد دور العسكر فيه، فالعسكر هم من يحمون النظام السياسى التركى، وفق دستور 1982 الذى وضعه العسكر أنفسهم بعد انقلاب 1980، وهو دستور تسعى كل القوى السياسية للتخلص منه، كما أنه جرت تعديلات عديدة عليه، وكل التعديلات تسعى لمحاولة التخلص من النزعة العسكرية والأمنية فى دستور 1982، ومن ثم فهم النموذج التركى فى الحالة المصرية على أنه تأكيد لدور العسكر، هو فهم خاطئ، فالجيش المصرى هو جيش وطنى حمى الثورة ولم يرفع سلاحا فى وجه أحد من مواطنيه، وقدم نموذجا نادرا فى الولاء والانتماء، فهو جيش الأمة وليس جيش حاكم، بيد أن تقديرنا للجيش المصرى كمؤسسة وطنية لا يدفعنا لاستلهام النموذج التركى بالنص فى الدستور الجديد على دور للجيش فيه، إننا نريد أن يعود الجيش المصرى العظيم إلى ثكناته ليكون حاميا للدولة والأمة دون النص فى الدستور على أى دور سياسى له، فهو جيش مهنى، وتقاليد المدرسة المصرية للجندية تقول إن جيشنا لا يريد أن يكون له دور سياسى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة