تشتعل الثورات لكى تحرق الفساد وتضرب الظلم فى مقتل، وتفتح أبواب الحرية والمساواة أمام الجميع، والثورة التى تفشل فى تحقيق ذلك تتحول إلى نكسة أو وكسة، وأهل الثورة الذين ينشغلون عنها وعن مبادئها بالظهور الفضائى والهرولة خلف دعوات سفر المنظمات الحقوقية الدولية، وكأنهم فى رحلة، لابد أن يكفوا عن الحديث باسمها وباسم الناس، فليس معقولا أن تتشنج وتتعصب ائتلافات شباب الثورة، ويتحمس شبابها، ويهتفون ويهددون ويتوعدون من أجل نقل حسنى مبارك من مستشفى إلى آخر، بينما يزور الخرس ألسنتهم فيما يخص الحديث عن الحاضر والمستقبل.
هل يعقل أن تغضب ثورة لأن رجال النظام السابق يأتيهم الطعام الدافئ فى سجن طرة، بينما لا يشغل أحدهم عقله بأن آلاف المواطنين يواجهون مصائر غامضة أمام المحاكم العسكرية أو ما زالوا ينامون من غير عشاء؟!، هل يعقل أن ينشغل البلد بشكل البطانية التى ينام عليها جمال مبارك فى السجن، ونتجاهل أن آلاف المواطنين يفقدون حقهم فى الدفاع عن أنفسهم أمام قضاء طبيعى؟! والآلاف غيرهم ينامون على الأرصفة، هل يعقل أن تتحول المحاكمات العسكرية تحت شعار مواجهة البلطجة إلى مقصلة تقطع رقاب المواطنين أو المتهمين دون أن تمنحهم فرصة الدفاع عن أنفسهم؟! هل يعقل أن تصدر محكمة عسكرية حكمها على مواطن بالعشرة أو بالعشرين سنة لمجرد أن ضابط شرطة قدم محضرا أو شهادة بأن المذكور متهم بترويع المواطنين وممارسة أعمال البلطجة دون تقديم أى دلائل عينية؟! ألم يتخيل القائمون على تلك الأمور أن بداخل نفوس بعض من ضباط الشرطة الكثير تجاه المواطنين، والأهالى بعدما حدث فى 25 و28 يناير، وأن الانتقام من هؤلاء الأهالى سيصبح أمرا واردا فى أقرب الفرص المتاحة؟
راجع أخبار الأحكام العسكرية التى صدرت مؤخرا، وراجع تقارير المنظمات الحقوقية وكمية الشكاوى، التى تتظلم من تلك الأحكام، التى لم تمنح المتهم فرصا للدفاع عن نفسه، وستعرف حجم الكارثة التى نعيشها، ستعرف أننا انشغلنا بكحة الرئيس، السابق ووزن نجله، وهل دخلت هايدى عليه المستشفى بحلة محشى أم ساندوتش جبنة أكثر من أهدافنا الرئيسية التى اشتعلت الثورة من أجلها وهو العدل، ستعرف أننا لابد أن نخرج أفواجا لنطالب بأن تتم محاكمة حبيب العادلى ورجاله عسكريا، مثلما تتم محاكمة مواطن أمام محكمة عسكرية لأنه يحمل مسدس صوت، أو لأنه صرخ من ضيقه فى وجه ضابط شرطة، واعتبر ذلك الصراخ تعديا وسبا على موظف أثناء تأدية عمله؟
الثورات تشتعل لكى تعقد محاكم عسكرية للفاسدين وأعوانهم، وليس للمواطنين حتى ولو كان من بينهم بلطجية بجد، وإذا أردتم أن تقسو بالحكم على البلطجية حاكموا ضباط الشرطة الذين ربوهم ورعوهم طوال السنوات الماضية، وراجعوا ملفات هؤلاء الضباط قبل أن نصدق تقاريرهم وتحرياتهم الانتقامية، من حق الشعب المصرى أن يعرف أن الضابط الذى يحميه الآن لم يكن فاسدا ولا معذبا، ولا يضمر فى نفسه شرا لهؤلاء الذين خرجوا يهتفون بسقوط ظلمه وظلم أسياده فى 25 يناير.. هل هذا كثير؟!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
mahmoud alniny
نهتم بالقشور
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد
يسلم فمك
عدد الردود 0
بواسطة:
ismaiil
كلام مظبوط
التعليق هو العنوان
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد فتيان
الاستاذ الكاتب