طبعا قضية بيزنطة معروفة، كانت نخبة بيزنطة تتجادل حول «وكم من الملائكة تقف على سن الدبوس، وكأن الغزو العثمانى على الأبواب».. ربما لهذا نحتاج إلى مراجعات، للتخلص من تأثيرات النظام السابق، وأن يجلس كل فريق مع نفسه ليراجع أفكاره ويحدد أولويات العمل بدلا من هذا الجدل النظرى البيزنطى.
نظرة سريعة على حالة السياسة والأحزاب فى مصر تشير إلى أن الواقع لم يتغير، لم يختف الحزب الوطنى تماما ولم تظهر أحزاب جديدة وإنما مجرد إعلانات ومؤتمرات بلا اقتراحات يمكنها أن تجذب الأغلبية الصامتة للمشاركة، نرى إعلانات وخلافات ولا نرى واقعا، وهو أمر قد يكون طبيعيا بعد سنوات طويلة من الجمود.. لكن هذه المرحلة يجب أن تنتهى.
كانت تجربة النظام السابق منفرة من الأحزاب، وبالتالى فالذين يعلنون إطلاق أحزاب يعلمون أن سنوات من الجمود والفساد جعلت نظرة الناس إلى الأحزاب سلبية، وعلى السياسيين الجدد أن يسعوا إلى جذب المواطنين إلى التجربة، طالما اختاروا العمل العام، وعليهم أن يتقبلوا الانتقادات من الآخرين.
من هنا تأتى الحاجة إلى مراجعات لتقييم التجربة الحزبية الماضية حتى يمكن معرفة ما يجب أن تكون عليه الأحزاب، وأيضا الخروج من حالة التفتت.. حيث نرى داخل التيار الواحد جماعات، ولا يظهر اختلاف بين فريق وآخر، وهو أمر يتجاوز التعددية إلى التشتت، وينتج فرقا ضعيفة.
الأمر الآخر هو عقدة عدم الثقة، وهى أحد الأمراض المنقولة من السنوات السابقة، فالتيارات لا تثق فى بعضها ولا فى غيرها ولا فى نفسها، وطبعا لا ثقة فى السلطة القائمة، سواء كانت فى الأمن أو المجلس العسكرى. وأزمة الثقة هى المشكلة الرئيسية التى يحتاج السياسيون لعلاجها، لأنها تقف حاجزا أمام أى تقدم نحو حياة سياسية سليمة.
يفترض أن يسعى السياسيون الجدد لإعادة ثقة المواطن فى نفسه وفى غيره وفى التنظيمات القائمة، هذا على مستوى الشكل. وفى الموضوع لا يجب أن تستكبر التيارات عن مراجعة أفكارها واختبار مدى قوتها أو ضعفها، فبالرغم من وجود إعلانات كثيرة عن أحزاب وخلافات حول شكل الدولة ونظامها. لم يعلن أى من الأحزاب المنتظرة السياسة الاقتصادية وكيف يمكنهم مواجهة الفساد أو التعامل مع اقتصاد السوق والإجراءات الاجتماعية والسياسية لمواجهة مشكلات النقل والمرور، والإسكان والمستشفيات المتدهورة والتى وصلت لأقصى حالات تدهورها فى ظل نظام مبارك وتحتاج إلى خطة عاجلة لعلاجها حتى يمكنها علاج المرضى المنتمين إلى الأغلبية.
حتى الآن لم نر لدى أى حزب «مزمع» نظرية أو فكرة عاجلة للإجابة عن هذه الأسئلة، بينما انشغل البيزنطيون الجدد بالجدل النظرى ونسوا ما ينفع الناس، وهناك نوع من التعالى على المشكلات اليومية، والاهتمام بجدل بيزنطة الذى لن ينتهى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد هيكل
احزاب بلا مضمون
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالباسط القصاص
عندك كل حق يا ابن العم