لحكم كثيرة أراد الله سبحانه وتعالى أن يعلمها للبشر من خلال القصص القرآنى تقابل سيدنا الخضر بأمر الله مع سيدنا موسى، الذى طلب منه أن يرافقه فى مسيرته، وكان موسى عليه السلام شديد الفخر والثقة فى علمه ومعرفته، فما كان من الخضر إلا أن نطق بما أوحى به له الله مجيباً على طلب موسى عليه السلام مرافقته، قائلاً "إنك لن تستطيع معى صبرا* وكيف تصبر على ما لم تُحط به خُبرا".. وأصر موسى.. وبدأت الرحلة وانتهت بما نعلمه جميعاً بعدم مقدرة كليم الله على الصبر على ما لم يُخبر عنه أو يعلم حكمته، فكان كثير الاحتجاج على تصرفات الخضر عليه السلام.
كثيرة هى الاحتجاجات فى مصر الآن، منها ما هو فئوى ومنها ما يرجع الى ضيق أصحابها بما يحيط بهم من ظروف معيشية سواء فى المسكن أو المأكل، وبالطبع ازدادت هذه الاحتجاجات بعد انهيار النظام الفاسد السابق وانبعاث الأمل من جديد لدى الفقراء فى الحصول حق الحياة الكريمة.. وخرجوا فى عجالة يحتجون على ما يحط بهم من أحوال متردية.. وفى المقابل فأن أولى الأمر الجدد يقابلون هذه التيارات الاحتجاجية باندهاش منطقى مبنى على أن الحقوق المسلوبة فى 30 عاماً لا تعود فى أيام وشهور مستنكرين هذا الزخم من احتجاجات الفقراء والمنهوبين والجوعى والمرضى والمشردين والتى ربما أندس بينها من هم غير أصحاب حق.. مطالبين المشتاقين للحياة الكريمة بالصبر.
الجوعى والمحتاجون لا يصبرون على ما أصابهم ما لم تكن هناك معرفة أو رؤية أو قبس من أمل لحياة مقبلة كريمة.. فكيف يصبرون على ما لم يحطوا به خبرا.
كيف يصبرون على الموت جوعاً وسط سوق الخبز والرزق المنهوب.. كيف يصبرون على التلحف بالسماء وسط حديث قصور ألف ليلة وليلة.. كيف يصبرون على الحياة المهينة والظلم ونهب العرق فى ظل استمرار ورثة النظام السابق فى إدارة مقدرات البلاد.
حديث أولى الأمر الجدد حديث عام به من الشعارات أكثر بكثير من الخطط العملية، وهو حديث بالنسبة للجوعى لا يسمن ولا يغنى من جوع، ولو خاطب أولى الأمر الجدد أو زعماء سوق السياسة الجديد الفقراء بما يخبرهم عن مخططات زمنية للمستقبل وأحاطوهم خبرا عن برامج زمنية أو رؤية عملية جادة صادقة لإعادة توزيع الثروة المنهوبة وتحقيق العدل والحياة الكريمة لربما صبروا.. أما الآن فكيف يصبرون على ما لم يحطوا به خبرا.