الله يكون فى عون هذا البلد بعد أن أصبح الذين جعلتهم كروت الواسطة والمنافقون واللاعبون على كل الأحبال ضمن قائمة المختصين بتشكيل وعى شعبه.. والله يكون فى عون ناس هذا البلد الذين أصبحوا تحت رحمة فضائيات يملكها رجال لا نعلم من أين جاءوا ومن أى شق أو جحر ظهروا..
تلك سطور لابد منها طالما سنتحدث عن رجل مثل الحاج توفيق عكاشة الذى يطل علينا كل مساء من شاشة فضائية الفراعين وكأنه يطل علينا من فوق المصطبة الملاصقة لمنزله، يجلس الرجل أمام الكاميرا ويتحدث مثلما كان يفعل حسن البارودى فى فيلم الزوجة الثانية، يردد ما يحفظ وما لا يحفظ، ويتكلم فيما يفهم وإن كان قليلا ويفتى فيما لا يفهم وهو كثير.
لن أخوض فى تفاصيل الحاج توفيق عكاشة الشخصية لأن تلك أمور لا دخل لنا فيها، ولن أخبركم لماذا تعتقد الصديقة دعاء سلطان الناقدة الفنية الشهيرة التى أصبحت مذيعة أشهر بأن الحاج توفيق عكاشة كوميديان صاحب نكتة ماسخة تتابع برنامجه لتضحك عليه، على اعتبار أن شر البلية مايضحك لأن ذلك أمر يخصها، أنا فقط أتكلم عن مذيع تليفزيونى -هكذا يقول عن نفسه وأحيانا يصنف نفسه كإعلامى- يكذب على مشاهديه، ويركب الموجة، ويتكلم عن النظام القديم ورموزه ويجامل الثورة وشبابها وكأن الناس غفلت أو تناست ما كان يقدمه الحاج توفيق عكاشة قبل 25 يناير.
يظهر الحاج توفيق بجلابية سوبر مان ويقول ذلك وكأنه حقيقة دون أن يخبر الناس أنه كان عضوا فى الحزب الوطنى، ودون أن يخبر الناس أنه نجح بالتزوير فى معركة انتخابية شهد طوب الأرض بأنها لم تكن شريفة.
أنا لست ضد الحاج توفيق عكاشة فتلك محطته الفضائية وشاشته فليفعل فيها ومن خلالها ما يشاء، لكن أن يدعى أنه بطل أو يصور لنا أنه كان سوبر مان الذى كان يخدم مصر ويساعد الفقراء ويهاجم الحزب الوطنى فى الظلام، ليس من حق الحاج توفيق عكاشة ولا هناء السمرى ولا السيد على أو غيرهم، أن يركب أحدهم موجة الثورة بعد أن هاجمها، ربما يكون مقبولا لمن هم مثلهم أن يتطهروا ويعتذروا ولكن ليس مقبولا أن ينتقلوا من نفاق مبارك ونظامه إلى نفاق أهل الثورة.
الحاج عكاشة تحديدا ليس من حقه أن يتكلم عن النظام القديم أو ينتقده إلا بعد أن يفسر للناس ما ورد فى مقطع الفيديو الشهير على اليوتيوب والفيس بوك والذى يظهر فيه الحاج توفيق وهو يجرى مسرعا نحو صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى السابق وينحنى عليه ليقبل يده بلهفة الخاضع وسرعة المعتاد.
الكلام عن الحرية والكرامة ممنوع على الحاج توفيق عكاشة قبل أن يعتذر عن تلك الصورة الخاضعة والخانعة التى قدمها للمواطن المصرى كما ظهر فى ذلك الفيديو، وقبل أن يأسف للدكتور البرادعى عن كلامه بخصوص دكر البط وإيجار الجاموسة.. افعل ذلك أولا ياحاج توفيق، ثم اعتذر عن مهنة التقديم التليفزيونى لأنها لا تناسبك، ووقتها فقط يمكنك أن تتكلم عن الثورة مثلما تشاء طالما كان ذلك على المقهى أو المصطبة.. أو فى الحلم!