أسامة داود

إعدام المرضى الفقراء

الخميس، 23 يونيو 2011 10:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ أيام أطلق الدكتور أشرف حاتم، وزير الصحة، تصريحات قال فيها، إنه لا يوجد فرق بين العلاج المجانى والعلاج على نفقه الدولة، مشدداً على جميع المستشفيات بالبدء الفورى فى علاج المريض، بما هو متاح لديها، بغض النظر عما إذا كان سيعالج على نفقة الدولة أم على نفقته الخاصة.

وشدد الوزير على سرعة إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة، بما يكفل للمريض الحصول على الخدمات الصحية اللازمة، دون الانتظار فترات طويلة، مشيراً إلى عمل لجان للتفتيش على قرارات العلاج على نفقة الدولة، للتأكد من سيرها، وفقا للنظم الموضوعة والجدول الزمنى المحدد، بما يكفل حصول المواطن على الخدمة المطلوبة.

وقال إن كل ما هو غير مغطى فى العلاج المجانى، سوف يغطى فى نظام العلاج على نفقة الدولة.. إلى هنا نكتفى بتصريحات أشرف حاتم، لكن الحقيقة أنها تصريحات تخلو من أى حقيقة، خاصة أن تشديدات وزير الصحة على المستشفيات هى لتطفيش المرضى الفقراء وحرمانهم من العلاج على نفقة الدولة، وبالطبع لا يوجد علاج مجانى بأى من المستشفيات، ويمكن التأكد من تلك الحقائق من خلال مراجعة مكاتب دخول مستشفيات وزارة الصحة وهيئاتها، ومنها معهد ناصر أو مستشفى الهلال وكذا مستشفيات الهرم والشيخ زايد وغيرها من المستشفيات على طول البلاد وعرضها.

وحقيقة العلاج على نفقة الدولة أنه يتم عبر أنبوب ضيق جدا، ومن خلال عمليات عرقلة إعداد تقارير اللجان الثلاثية للمرضى، وإن تم إعدادها فيتم تجاهل إرسالها للمجالس الطبية لأسابيع وشهور، وهناك حالات تقف فى طابور طويل انتظارا لورود قرار علاجها إلى المستشفيات عبر شبكة الإنترنت لشهور طويلة، رغم أن هذا النظام، كما يشيع الوزير ويفترض بالفعل، أن الهدف منه سرعة إرسال التقارير للمجالس الطبية لتعود فى اليوم التالى قرارات للعلاج، إلا أن حقيقتها هى خداع المرضى، حيث لا يأتى الرد غالبا ولو بعد شهور طويلة، مهما كانت خطورة حالاتهم الصحية.

ففى معهد ناصر، الذى كان فى الماضى قبلة للفقراء، خاصة فى جراحات القلب الذى نجح فى إجراء نحو 28 ألف جراحة قلب مفتوح، بخلاف الرعاية الحرجة وزرع الكلى والنخاع وزرع المفاصل واستئصال الأورام وغيرها من الجراحات الدقيقة، وكانت نسبة إشغال الفقراء فيها بقرارات على نفقة الدولة مع التأمين الصحى تتجاوز الـ90% تراجعت تلك النسبة الآن إلى أقل من 10% لنفقة الدولة، بينما لا توجد أى حالات مجانية، وأتحدى وزير الصحة إن جاء بمريض فقير عولج مجانيا إلا إذا كان من أقاربه أو من الأثرياء. أما الفقراء فلا!! بينما الـ90% الأخرى هى للعلاج بأجر، ويتم رفض قبول الحالات الحرجة إلا بعد دفع تكاليف العلاج مقدما، رغم أن قرار الوزير بعلاج 5 أمراض على نفقة الدولة يقع ضمنها الحالات الحرجة والرعاية.. وعلى الفقراء أن يهرولوا بين ردهات المستشفيات بمرضاهم وهم بين الحياة والموت بحثا عن وهم العلاج المجانى!!.

وفى مستشفى معهد ناصر، ترتكب جريمة بشعة فى حق مرضى القلب الذين تحققت أمانيهم فى الحصول على قرارات علاج على نفقة الدولة منذ نهاية العام الماضى، ويتم تأجيلهم فى قائمة الأطباء شهرا بعد الآخر ليحل محلهم بالطبع المعالجون بأجر!

بينما يعيش المريض على أمل لن يتحقق وسط آلامه وتعرضه لأزمات قاتلة وكل ما يفعله المعهد هو أنه يراهن على أن تنتهى آجال المرضى الفقراء قبل الوصول إلى سرير المستشفى، وبالتالى يكونوا تخلصوا من عبء تنفيذ قرار علاج يرون أن المبلغ المدون به لا يغطى 50% من مستهلكات العملية.

على الجانب الآخر، تواصل إدارة معهد ناصر والمستشفيات العامة السير فى تكريس مفهوم العلاج بأجر فى تلك المستشفيات، على اعتبار أنهم يحصدون نسبة من الدخل اليومى للمعهد، وبالتالى تتلاقى مصالحهم مع مصلحة وزارة الصحة لتتحول من مستشفى أنشأته الدولة من قروش الفقراء ليقتصر دورها على علاج الأثرياء.

ونموذج معهد ناصر يتكرر فى كل المستشفيات.. حتى إن مستشفى الهلال برمسيس يرفض قبول مرضى أصيبوا فى حوادث، إلا بعد دفع تكاليف علاج الطوارئ من فحوصات وغيرها، وجزء تحت الحساب، وهى نماذج تتكرر كل يوم حتى وإن كان المرضى منتفعون بالتأمين الصحى.

إن القضاء على العلاج المجانى يتم فى المستشفيات الحكومية على قدم وساق.. وأشرف حاتم يحقق الهدف الذى جاء من أجله، محتفظا بأسوأ رجال الجبلى فى الوزارة والمستشفيات والتأمين الصحى أيضا، وتخطى ذلك إلى القيام باستبعاد الدكتور بهاء أبو زيد مدير الأمانة العامة للمراكز الطبية ليقضى على البقية الباقية من حقوق الفقراء فى العلاج المجانى.. ليعلم الجميع أن من تولوا المسئولية فى وزارة الصحة بعد ثورة 25 يناير هم أخطر عناصر تعمل على تدمير أى مكاسب محتملة لفقراء مصر بعد الثورة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة