حنان حجاج

اسكت.. يا فاروق

الجمعة، 24 يونيو 2011 04:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أخيرا وبعد انتظار دام 23 عاما قرر وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى أن يفتح فمه متخلصا من ابتسامة الموناليزا التى لازمته، معلنا للرأى العام المتلهف لمعرفة الحقيقة أنه لم يكن شاذا ولا حاجة، وأن الأمر لا يزيد على كونه شائعة سخيفة أطلقها عليه (موافى) أو صفوت الشريف ،رئيس مجلس الشورى السابق، بينما كشفت جريدة روزاليوسف أن الشائعة لم يكن وراءها صفوت الشريف وحده، بل أيضا الرئيس السابق نفسه الذى أعجبته تلميحات الشريف عن كون فاروق حسنى يتحدث بلطف وهدوء، وأن هذا على حد تفسير صفوت دليل على شذوذه، بل قرر الاثنان - مبارك وصفوت - أن يروجا للأمر ويستغلاه دوليا، لإظهار أن مصر تتمتع بمساحات حرية واسعة سمحت بأن يكون من بين وزرائها وزير (شاذ).

بغض النظر عن دقة وصدق تلك التفاصيل بشكل كامل فالواقع يقول: إن فاروق حسنى ومنذ أن جلس على كرسيه الوزارى قبل ما يقارب ربع قرن لم يسمع أحد منه يوما نفيا ولا ضيقا ولا حتى حرجا من الشائعة، التى أصبحت لصيقة الصلة بالوزير الفنان، وكأنها جزء من اسمه. فجر الوزير العديد من الأزمات مع كل أطياف المجتمع من أقصى اليمين لأقصى اليسار، ودخل الوزير فى عشرات المعارك مع أصدقائه قبل خصومه، ولم يشهر سيفه ولا حتى فرشاته فى وجه الشائعة وهذا ما يثير الدهشة، يبدو كمن أعجبته القصة فأراد أن يدعمها ليخرج لسانه للجميع، ظل الوزير على نعومته التى استفزت صفوت الشريف وظل على عزوبيته التى أثارت حيرة الجميع، ولم يخف يوما تمرده الفنى والإنسانى متناسيا موقعه السياسى، الذى أشار هو نفسه إلى أنه كاد يوما أن يصل لمقعد رئيس وزراء مصر. الوزير بدا كمن أعجبته الشائعة بنفس منطق الرئيس المخلوع ورجاله، فما المانع أن يكون رمزا للتحرر بعد أن أصبح رسام مصر الوحيد ومبدعها الأول، وإلا فبماذا نفسر مثلا أنه أخفى طوال تلك السنوات أنه سبق له الزواج مرتين، ولم يعلن الخبر إلا فى حواره الأخير، لماذا أخرج الآن لوحاته التى تحوى وجوها وبشرا طبيعيين مثلنا، بينما كانت معارضه ولوحاته التى تحتل واجهة المشهد الفنى فى مصر، تبدو فى أشكال شديدة التجريدية والغرابة فى آن واحد.

الأهم لماذا لم يفتح الوزير فمه ليعلن عبر حوارات ولو نصف صريحة أنه ليس كذلك، بينما يؤكد هو نفسه كفنان، أنه يستمد القوة من التاريخ ومن الذات ولا مانع من عدم ذكر اسم صفوت الشريف باعتباره مروج الشائعة، ويكفيه الإشارة إلى أن البعض مثلا أراد محاربته فى بداية رحلته الشابة للوزارة بالإساءة لسمعته كما فعل مؤخرا، لماذا لم ينطق الوزير مدافعا عن سمعته المهدرة تحت سنابك الاتهامات والتلميحات، وحتى النكت بل الكلام المباشر عن شذوذه؟ لماذا سكت الوزير؟ هل كان يخاف مثلا من الرئيس الذى- على حد قوله- كان يرفع سماعة التليفون عقب كل أزمة يصنعها الوزير ويقدم فيها استقالته قائلا له: (ارجع مكتبك يا فاروق) -كما قال نصا - فيرجع فاروق ويجلس على وسادته الهوائية التى قال: إنها التى منعته على حد قوله من الالتصاق بالكرسى؟!

فاروق حسنى وحده هو من يملك الإجابات وإن كنت أنا شخصيا لا أنتظرها منه، فأنا أعرف أنه لا يوجد رجل حقيقى يمكن أن يقبل أن يظل 23 عاما فى خانة الشواذ وهو برىء منا ويسكت، ولا يوجد فنان حقيقى يرضى أن يؤمر بثلاث كلمات فيطيع، ثلاث كلمات أبقته صامتا (ارجع مكتبك يا فاروق) بصراحة شديدة، ورغم أن حوار الوزير السابق أمتعتنى قراءته فأنا أريد أن أقول لسيادته.. اسكت يا فاروق.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة