خالد الشريف

صناع الإرهاب

الأحد، 26 يونيو 2011 05:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صحيفة «الإندبندنت» البريطانية علقت على تولى أيمن الظواهرى زعامة تنظيم القاعدة بعد مقتل أسامة بن لادن قائلة: إنه أوضح مثال على أن التعذيب لا يجدى نفعا؛ حيث إن ما تعرض له الظواهرى فى السجون المصرية من ضرب وتعذيب بالصدمات الكهربائية وإطلاق الكلاب المتوحشة عليه كان له دور كبير فى اتجاهه للعمل الإرهابى العنيف.
وصدقت «الإندبندنت» فيما قالت؛ فالتعذيب يصنع الإرهاب، وكل الذين مارسوا العنف خرجوا من جدران السجون وغياهب المعتقلات وغرف التعذيب، لذلك فهو جريمة ضد المجتمع؛ حيث يحول الضحية إلى قنبلة موقوتة تنفجر فى المجتمع والسلطة فى أى وقت، وحتى لو كان أديبا مرهف الحس، أو شاعرا رومانسيا، فيمكن أن يتحول إلى مفجر للعنف إذا تم تعذيبه، وأكبر دليل على ذلك ما حدث للشيخ سيد قطب، الذى تحولت كلماته الرقيقة المرهفة إلى قنابل انفجرت فى المجتمع ووصفته بالجاهلية الأولى، وكان كتابه «معالم فى الطريق» - والذى خرج من جدران التعذيب وغياهب السجون - وقودا لمعتنقى الصدام والعنف، وهذا أمر طبيعى؛ فالإنسان وليد بيئته وظروفه!
وفى ظل أهوال السجن الحربى بقيادة شمس بدران وحمزة البسيونى خرج شكرى مصطفى معتنقا فكر التكفير الذى انتشر فى أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضى كنار فى الهشيم.. فالتكفير والعنف نتاج طبيعى للتعذيب والكبت والإجرام الذى مارسته أجهزة الأمن السياسى.
وخلال ثلاثة عقود كاملة مارس (أمن الدولة) جريمة التعذيب بشكل منتظم وثابت، وأصبح سمة بارزة من سمات الجهاز.. بل كان يُمارس دون مبرر أو تحقيق، أو لأشياء تافهة لا تستدعى التحقيق أصلا؛ حيث جعل الجهاز من الإسلاميين عموما عدوا يطارد، وشبحا مخيفا، ولأن الشعب المصرى متدين بطبعه فكان ضحايا أمن الدولة كثيرين، وكان العبد لله أحد الإسلاميين الذين استضافهم أمن الدولة أكثر من مرة، ونال قسطا وفيرا من التعذيب، ولأن مواجع التعذيب لا يمكن أن تُنسى أو تُمحى من الذاكرة أو الجسد، فما زلت أتذكر إطفاء السجائر فى جسدى والصعق بالكهرباء والتعليق على الأبواب والنوافذ فى «لاظوغلى» أو «جابر بن حيان»، حيث كانت تنتهك الحرمات ويُعتدى على الأبرياء، فلا تسمع إلا الصراخ والأنين.
وفى صيف عام 1986 وعقب عام دراسى ملىء بالنشاط الدعوى والثقافى بجامعة القاهرة اعتقلت ضمن مجموعة من الشباب والدعاة، فكانوا يسوقوننا كالأسرى معصوبى الأعين من سجن استقبال طرة إلى معهد أمناء الشرطة، وتبدأ حفلة التعذيب من الواحدة صباحا إلى السابعة، ثم نعاد للسجن، وكان التعذيب لمجرد التعذيب، وحين تجرأ أحدنا وقرأ آيات من القرآن ليثبت قلوب المعتقلين نال قسطا وفيرا من التعذيب، وانتقاما منا أخذوا أحد الدعاة وطالبوه بأن يقرأ الفاتحة بالمقلوب، وهو يأبى، وظلوا يضربوننا حتى الصباح.
والشاهد فى الأمر أن معظم المعتقلين كنت لا أسمع منهم بعد حفلات التعذيب إلا كلمات الانتقام أو التكفير، بل أضحى معظمهم روادا دائمين للمعتقل، وممارسين للعنف والصدام.. هذا قطرة من بحر، وغيض من فيض، فكم من أطفال ونساء عذبوا! وكم من رجال ماتوا تحت وطأة التعذيب! وأما الذين دفنوا تحت قبور الصمت فحدث عنهم ولا حرج، وتحولت مصر فى فترة من الفترات إلى ساحة قتال وحرب وتعصب على يد أمن الدولة بسبب سياسة التعذيب.
إن جرائم التعذيب وقتل خالد سعيد وسيد بلال وغيرهما الكثير تعتبر أحد مسببات الثورة، وهو ما يدعونا إلى أن نُقبر أمن الدولة إلى غير عودة، ونهيل عليه التراب، فلا حاجة لما يسمى بالأمن الوطنى، فمن أدرانا «أن تعود ريما إلى عادتها القديمة»، خاصة أن الجهاز تغير وتبدل من الأمن السياسى فى عهد الملكية إلى المباحث العامة فى العهد الناصرى إلى أمن الدولة فى عهد السادات ومبارك، وهو فى كل الأطوار يصنع الإرهاب ويرتكب الجرائم القذرة.. وهذا ما يرفضه الشعب بعد الثورة.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

يسري

الصدام ضد الفساد

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة