تنتهى امتحانات الثانوية العامة السبت القادم، وحتى الآن مضت الامتحانات بلا دموع غزيرة كما اعتدنا كل سنة، وقل الصراخ والعويل السنوى أمام اللجان، وما يتردد بين أولياء الأمور أن الامتحانات ليست صعبة، وأنها فى المستوى العادى، فضلا عن أن الملاحظة فى اللجان كانت إنسانية، أو وفق ما يجب أن يكون عليه الأمر فى العملية التعليمية، لكن هذا لا يعنى أن الأزمات والمشكلات تراجعت أو انتفت نهائيا.
سوف تظهر المشكلات بعد إعلان نتيجة امتحان الثانوية العامة وبدء العمل فى مكتب التنسيق، حيث يبدأ قبول الطلاب بالجامعة، ونكتشف أزمة كل سنة حول ما يعرف بكليات القمة، وعدم توافر أماكن للطلاب بالجامعة، فيبحثون عن الجامعات الخاصة، وهى أيضا ليست كافية، والمتاح حتى الآن من معلومات يثير القلق، ذلك أن الجامعات الحكومية تتجه إلى الحد من أعداد المقبولين بها، وهو قرار مؤسس على إمكانياتها من المعامل والمدرجات والمكتبات، فضلا عن أعضاء هيئات التدريس.. لكن الاحتياج المجتمعى والطلب على العملية التعليمية فى ازدياد واتساع، على الأقل بحكم الزيادة المطردة فى السكان.. وكانت حكومة د.نظيف توبخ المواطنين كل عام وتهزأ بمشاعرهم، وتحاول أن تثنيهم عن أحلامهم وطموحاتهم لأبنائهم بدعوى أن ما يسمى كليات القمة لم يعد من حقهم، وأنها بلا مستقبل.. ونحن الآن سوف نواجه مشكلة كبيرة تتمثل فى طرفين أو ظرفين يبدو بينهما تناقض واضح.
الأول: أن القواعد التعليمية وقدرة الجامعات على الاستيعاب محدودة، إذا أردنا أن يكون هناك خريج نال ما يجب له من التعليم الصحيح والمكتمل قدر الإمكان،وليس تعليما عبر مذكرات يتم تصويرها ودروس خصوصية ومدرجات مكتظة بآلاف الطلاب والطالبات، لا يستفيدون شيئا من المحاضرات ولا يحدث أى تواصل لهم مع أساتذتهم ومعلميهم، ومن ثم لا ينالون خدمة تعليمية جيدة.
الثانى: أننا نعيش حكومة الثورة، وهذه الحكومة مطالبة بتلبية احتياجات الناس وتحقيق رغباتهم بتوفير أماكن لأبنائهم فى الجامعات.. على الأقل مكان لكل طالب فى إحدى الكليات، ناهيك الآن عن مشكلة كليات القمة.
والحقيقة أنه إذا تصرفت الحكومة بالمنطق التعليمى الصحيح، فلن يكون هناك مكان لكل طالب، فالجامعات لن تستوعب، وإذا التزمت بمطالب الأكاديمية وقواعد التعليم، فسوف تغضب الرأى العام، والتساؤل الآن: ماذا يمكن أن تفعل الحكومة مع هذا الموقف؟ هل تواجه الرأى العام صراحة بقدرة الجامعات والعجز عن تلبية رغبات المواطنين، وتتحمل رد الفعل الغاضب لدى المواطنين، أم أنها تفعل كما كان النظام السابق سيفعل بأن يفرض على الجامعات قبول مزيد من الطلاب، وتحكم الجامعة بالقواعد السياسية لا القواعد التعليمية؟!
أيا كان الأمر فإن ذلك يقتضى من الحكومة خطة طويلة لمواجهة هذه المشكلة جذريا، نعرف أن الحكومات السابقة ظلت حذرة من تأسيس جامعات جديدة، وقبل عدة سنوات تم الاعتراف بفروع الجامعات الكبرى كجامعات مستقلة، فصار لدينا جامعة بنى سويف.. وهكذا، ولكن هذا حل غير كاف بالمرة.
على الحكومة أن تبدأ ببناء جامعات جديدة، وأن تفتح المجال أمام المجتمع الأهلى ليدخل بثقله فى هذا المجال، خاصة أن الدراسات العلمية تقول إن كل مليون نسمة يجب أن تكون لهم جامعة، وفى بعض البلدان مثل كندا يهبط الرقم إلى جامعة لكل 800 ألف نسمة، وهذا يعنى أننا بحاجة إلى عشرات الجامعات، ولدينا الآن مناطق بأكملها بلا جامعة.. منطقة البحر الأحمر تستحق أكثر من جامعة، هناك منطقة شلاتين، وهى شبه خالية من السكان، ولو أقمنا هناك جامعة بكليات وتخصصات تناسب تلك المنطقة، لأمكن لنا أن ننشئ مجتمعا كاملا ونهضة عمرانية حقيقية، والأمر نفسه بالنسبة لمنطقة مثل الغردقة أو مرسى علم.. وغيرها.. وغيرها، ويمكن أن ينطبق الشىء نفسه على سيناء بشمالها وجنوبها.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة