جاء بجريدة «اليوم السابع» فى 24 /6 /2011: «أصدر الداعية السلفى الشهير «برهامى» فتوى رحب فيها بانضمام الأقباط إلى حزب النور السلفى. باعتباره دافعًا لهم للدخول فى الإسلام، معتبرًا أن انضمامهم للحزب مرتبط بقبولهم بمبادئه القائمة على مرجعية الشريعة الإسلامية. وقال ياسر برهامى: ليس هناك ما يمنع من أن ينضم الأقباط إلى الحزب إذا قبلوا بمبادئه القائمة على مرجعية الشريعة. وأضاف: فمن كان منهم متعاونًا فى العمل على تفعيل المادة الثانية التى تنص على مرجعية الشريعة الإسلامية؛ فمرحبا به، وأظنه أقرب الناس للدخول فى الإسلام ومعاشرة المسلمين له ستكون دافعًا له للدخول فى الإسلام. واختتم برهامى فتواه قائلا:ً «إن كثيرًا من النصارى مسلمون فى حقيقة أمرهم، لكنهم يخشون تغيير الأوراق خوفًا على أنفسهم من القتل والحبس فى الأديرة». وانتهى. ولاندهاشى لا أعرف من أين أبدأ، فهل حزب النور هذا حزب سياسى، أم جماعة دعوية؟ والاندهاش أكثر عندما تعلم أنه حزب سياسى، والأفظع أن لجنة الأحزاب الموقرة قد أعطته ترخيصًا. فهل السيد برهامى يدعو المواطن المصرى القبطى لكى ينضم إلى حزب سياسى اسمه النور، أم يدعو الأقباط للدخول فى الإسلام؟ وما علاقة الحزب السياسى بالدعوة الدينية؟ وهل قبول المادة الثانية يجعل من يقبلها أقرب الناس إلى الدخول فى الإسلام؟ وما علاقة معاشرة المسلمين للأقباط لأن تكون دافعًا للدخول فى الإسلام؟ فهذا خلل فى الرؤية، وتداخل فى الأفكار، وإساءة للمواقف، وخلط للدينى لصالح السياسى، وإسقاط لحق المواطنة، وإهدار لحق الاعتقاد الدينى، وإعلان لحزب دينى وليس حزبًا سياسيّا، بل إنه من الواضح أن هذا الحزب ومؤسسيه وتابعيه لا علاقة لهم بالسياسة، وهذا هو بالطبع موقف السلفيين من قبل ثورة يناير، بل رأى بعض قادتهم رفض إنشاء الأحزاب، خاصة من قبل السلفيين، ألا يعنى هذا يا سيد برهامى أن كل من يوافق على المادة الثانية - خاصة أنها تقول مبادئ الشريعة وليس الشريعة، والمبادئ هنا هى الأحكام قطعية الثبوت، قطعية الدلالة - يعتبر أقرب للإسلام، خاصة أنك تقصد أقرب إلى الدخول فى الإسلام؟ ألا تعلم أن المادة الثانية قبولها أو رفضها يدخل فى الإطار السياسى وليس الإطار العقَدِى. كما أن القرب للإسلام يمكن أن يكون بمعنى عدم رفض المفاهيم العليا للإسلام، وهى لا تختلف عن مقاصد كل الأديان. وهذا بالطبع غير اعتناق الدين الإسلامى، فنحن مع المادة الثانية وقد دافعنا عنها، ومازلنا، إيمانًا بأن هذا الدفاع أو ذاك القبول احترام لمبادئ الشريعة التى هى ملزمة للمشرع وليست ملزمة للقاضى. وما رأيك، دام فضلك الكثير، أن قداسة البابا شنودة نفسه دافع عن بعض مواقفه من خلال الشريعة. فهل هذا يعنى أن البابا فى طريقه للدخول فى الإسلام؟ أما تعبيرك الغريب والمريب فى أن معاشرة المسلم للقبطى ستكون دافعًا له للدخول فى الإسلام وهذا والله يا سيدى ما سمعت به أبدًا، وما قاله أحد غيرك. خاصة أن معاشرة المصرى المسلم والمصرى المسيحى كانت منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا وستظل إلى الأبد، وسيظل المسيحيون والمسلمون جميعهم يؤمنون بديانتيهم، ولماذا فى ضوء تلك العلاقة التاريخية لم يتحول كل الأقباط للإسلام؟ وهل كل مسيحى مرتبط ومعاشر ومصادق ومشارك ومتوافق مع المسلمين يكون فى طريقه للإسلام؟ نعم المسلم الحقيقى الفاهم لدينه والمسيحى أيضًا يجعل كل منهما الآخر يحترمه ويحبه ويحترم دينه والذى أنجب تلك الشخصيات المحبة والفاهمة والمدركة لصحيح أديانها. أما أن كثيرًا من النصارى مسلمون ولكنهم يخشون القتل والحبس فى الأديرة؛ فهذا تزيّد طائفى لا يليق الآن ونحن نحاول أن نجتاز تلك المرحلة الانتقالية الصعبة وأن نحافظ على الثورة حتى نرسى قواعدها. ومن أدراك بهذا؟ هل شققت عن قلوبهم يا سيد؟ هل أنت تعلم بما تخفى الصدور وما تجنح إليه القلوب؟ وإذا كان الأمر بالعقل كذلك؛ فهذه علاقة بينهم وبين الله، ولا دخل لأحد فيها. أما حكاية القتل فهذه «واسعة شوية»، فلم نسمع بأن المسيحية بها ما يسمى حد الردة كما يفهم من بعض أقوال بعض المتشددين، «لا إكراه فى الدين»، هذا، والأهم، ماذا سيكون الحال لو تحولت الأحزاب إلى مقار للدعوة الدينية؟ وما المانع من ظهور أحزاب كهذه على الساحة المسيحية. أيوجد فتنة ستكون أكثر من ذلك؟ وأين القوانين التى تحرم قيام الأحزاب على أساس دينى، مع العلم بأن دعوة السيد برهامى قد تجاوزت حتى هذا. إذا أردت يا سيد أن تكون داعية إسلاميّا فهذا حقك ولا تثريب، ولكن بعيدًا عن الأحزاب، وهذا يكون -بالطبع- بالحكمة والموعظة الحسنة، كما يقول الإسلام الذى هو مظلة حضارية لكل المصريين. حفظ الله مصر من كل شر. ولتظل مصر وطنًا لكل المصريين.