إن الحياة على الأرض هى إقامة مؤقتة، ورحلة سريعة خاطفة، وبمقاييس الزمن الكونى لا تعدو طرفة عين أو أقل، إنها امتحان صعب واختبار شديد للإنسان الذى سخّر الله العلى العظيم له كل ما فى هذا الكون ليكون فى خدمته، من حيث كونه سيده الذى خلقه الله الكريم على صورته وما أعظمها من صورة!
وأعظم ما فى هذا الإنسان هو قلبه، إنه المضغة التى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها «إن صلحت صلح الجسد كله، وإن فسدت فسد الجسد كله»، وقال الله سبحانه وتعالى فى حديث قدسى: «لا تسعنى أرضى ولا سمائى ولكن يسعنى قلب عبدى المؤمن»، إن هذا القلب له مركز السيادة فى الجسد، فإذا أحب القلب خضع الجسد كله لهذا الحب، وإذا أسلم القلب لله الانقياد أسلم الجسد كله الانقياد لأنوار الشريعة وللسلوك الإسلامى، وهو فى سعادة وغبطة ورضا، ولهذا السبب من أراد أن يتجلى الله سبحانه وتعالى على قلبه، وأن يملأه نورا وعلما قدسيا ربانيا فعليه أن يطهّر هذا القلب من كل ما يدنسه ويخنق الحياة التى تسرى فيه، ومن كل ما يطفئ الأنوار التى تأتى من الأفعال الطيبة أو من الدعاء ومن العمل الصالح، ومن الخواطر النقية الخيّرة، المحبة لله سبحانه، والمحبة لمخلوقاته.
لقد وضع الله العزيز الحكيم للناس الأسس التى تخلق لهم كل أسباب السعادة فى باطن الإنسان وحوله ولأهله وللبشر أجمعين. لقد قال لنا العزيز الرحيم «ولكم فى رسول الله أسوة حسنة»، فرسول الله عليه الصلاة والسلام هو المنارة التى تهدى البشرية فى بحر الحياة، ووسط العواصف التى تخلقها المعاصى والأطماع، من أجل أقل من ثانية من الحياة.