الأمن ثم الأمن.. هذا هو مطلب الناس فى مصر ومطلب المستثمرين ورجال الأعمال حتى تستقر الأوضاع فى البلاد ويشعر الجميع بالأمان. وبدون الأمن لن يتحقق شىء ولن تستطيع الحكومة جذب أى استثمارات أجنبية أو عربية جديدة. فالاستثمار يحتاج إلى الأمن والاستقرار أولاً ثم يأتى بعد ذلك دور التشريعات والقوانين الداعمة له ودون ذلك فسوف تذهب كل جهود الحكومة هباءً منثورا.
الشارع المصرى يريد الإحساس بالأمن وعودة رجل الشرطة دون تقاعس والقضاء على مظاهر البلطجة والفوضى، التى انتشرت فى أعقاب الانسحاب المهين والمحير لقوات الأمن فى 28 يناير، ولن ينتظر الناس طويلاً حتى «يحن السادة الباشاوات» للنزول إلى الشارع وأداء دورهم الوطنى.
بالأمس فاجأنا اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية بتصريح مقلق، وأضاف إلى وعوده السابقة بعودة الأمن سريعا وعدا آخر، وطالبنا بالانتظار 3 شهور أخرى حتى يعود الأمن للشارع المصرى وبعدها «ابقوا حاسبونى» - كما قال الوزير.
ربما وبدون قصد أرسل اللواء منصور العيسوى بتصريحه رسالة غير مطمئنة للداخل والخارج، فالناس فى مصر -حسب وعد الوزير- عليها أن تتحمل شهوراً جديدة تحت رحمة البلطجية المنتشرين فى كل مكان الآن. فهناك 500 ألف بلطجى من بقايا «دولة حبيب العادلى» منتشرون فى شوارع المحروسة يعيثون فيها فسادا فى ظل غيبة الشرطة وأجهزة الأمن عموماً.
خطورة كلام اللواء العيسوى أن الإحساس بعدم الأمان لدى الناس سيزداد وتتسع الفجوة. وبالتالى تنعدم الثقة فى إمكانية العودة السريعة خاصة أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية فى سبتمبر المقبل.
أما الرسالة الأخرى من اللواء منصور العيسوى فكانت للخارج وحذرهم من القدوم بالاستثمارات أو زيارة مصر حتى تنتهى المهلة والوعد الذى قطعه على نفسه أى بعد نهاية الصيف الحالى لأنه لن يكون مسؤولاً فعلياً عن عودة الأمن بكامل هيئته إلا بعد 3 شهور من الآن.
لغز الأمن فى مصر ما زال مستمراً والصندوق الأسود الملىء بالأسرار لم تحطم قيوده بعد والمسألة تحتاج إلى حلول غير تقليدية وشجاعة وحاسمة، فالوعود وحدها لن تكفى ولن تطمئن الناس بل ستزيد قلقهم.