هل تختار الحرية مع بعض المشكلات الاقتصادية أم تفضل القمع مع ضمان وضع مستقر؟ هذا الجدل الدائر من شهور بين من يقولون إن مصر على شفا الإفلاس، ومن يرون أن الأوضاع مستقرة. الجدل ينعكس على حياة الناس فى مصر ويضعهم فى حيرة.
بعض أنصار «لم يكن فى الإمكان أبدع مما كان»، يقولون إن الأحوال فى مصر تحت حكم مبارك لم تكن كلها سيئة، وإن الاقتصاد كان قويا، وفريق آخر لا يعترف بوجود أزمة مالية من الأساس. ويرى أن هناك تهويلا يهدف لإشعارنا بالندم، ويتجاهل واقعا ساد خلال السنوات الأخيرة، كان يقسم المجتمع المصرى إلى فئتين، أقلية تستمتع بثمار التنمية وتحظى بالرعاية وتحصل على الأراضى وفرص الاستثمار، وأغلبية عليها أن تستسلم لأقدارها، نصف المجتمع يعيش تحت خط الفقر وحوله، وربع يكاد يغادر خط الفقر بلا إحساس بالأمان والمستقبل، وبطالة طاحنة، وأمراض تأكل أكباد المصريين.
حديث وزير المالية سمير رضوان عن مشكلات اقتصادية تواجه مصر بدأ منذ أسابيع مصحوبا بحديث عن توقف عجلة الإنتاج والمصانع، مع استمرار مطالب فئوية من شأنها أن تهدد البلد بالإفلاس.. الطرف الآخر يرى أن رضوان تجاهل أن البلد مليئة بالفلوس وأن هناك ثروة عقارية ومليارات مكدسة فى بعض النواحى. واعتبر أنصار الثورة أن المبالغة تصب فى صالح الثورة المضادة.
سوء فهم فى وجهات النظر، فأى حكومة مهمتها أن تدرس الدخل والمصروفات وتجرى موازنة لكليهما. وزير المالية يشير من طرف خفى إلى أن الاقتصاد المصرى فى فترة حكم مبارك أو فى السنوات الأخيرة كان قويا ونجح فى عبور الأزمة المالية العالمية. وهى رؤية لا تبتعد عن وجهة نظر مبارك والحزب الوطنى السابق، ونسبة النمو التى كانوا يقولون إنها تتجاوز السبعة فى المائة، لكن هذه الرؤية تتجاهل أن قوة الاقتصاد، ونسبة النمو كانت تتجه إلى عدد محدود من رجال الأعمال المقربين من نظام مبارك، بينما لم تصل إلى الأغلبية من الشعب المصرى التى لم تكن تحس بالنمو المزعوم.. كانت هناك نسبة نمو لكن ميزان العدالة كان مختلا، لغياب نظام ضريبى عادل، وخفض موازنات التعليم والصحة واتساع العشوائيات. 20 مليونا فى العشوائيات والمقابر، و40 مليون موظف وعامل وفلاح يسمون «غير قادرين ومحدودى الدخل».
من هنا فالأمر ليس فقط فى نسبة النمو، لكن فى عدالة توزيع هذه النسبة، نحن نعلم أن هناك غيابا للسياح وهو أمر خفض الدخل بحوالى 3 مليارات شهريا، وبطالة مايقرب من مليونى شخص يعملون فى قطاع السياحة يساوون 12 مليون أسرة على الأقل، ومن المتوقع أن يتضاعف دخل السياحة فى حالة استقرار الأحوال الأمنية بشكل نهائى. وهو أمر يفترض أن تسعى له الحكومة سريعا وألا يبقى الغياب الأمنى.
عودة السياحة سوف تنعش شركات إنتاج المواد الغذائية والمياه والفلاحين والعمال والحركة العقارية، وتضيف المزيد من الفرص والدخول. وعلينا أن نطمئن الناس ونخبرهم أن الأصول والبنيان موجود، ويحتاج إلى إعادة تشغيل، مع إعادة النظر فى القوانين الظالمة.
لا مانع من أن نشعر بالقلق على الاقتصاد، لكن هناك فرق بين القلق الساعى لمواجهة الأزمة وبين الخوف المثبط، وحتى الفقر نفسه يمكن مواجهته بنظام عادل لتوزيع الدخول، أجر عادل، وضمانات اجتماعية وتأمينية وإلزام أصحاب الأعمال بها، وربما كان رفع الحد الأدنى للأجور خطوة فى الطريق، لكن نظام الضرائب العادل هو الخطوة الأهم.
لا يفترض بنا أن نخشى الفقر، لكن الخطر هو استمرار نظام اقتصادى غير محدد الملامح.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مجدي المنسي
أوكي . ماشي .
عدد الردود 0
بواسطة:
مصراوي
يا رقم واحد
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
لماذا
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد بسيط
من الجنه...الى النار
عدد الردود 0
بواسطة:
شريفشينكو
الى رقم 2 و 3
عدد الردود 0
بواسطة:
دكتور سمير
الى واحد بسيط على فكرة الكاتب مابيقولش خالص ان اللي فات احسن