رغم الحماس الشديد والتفاؤل بمشروع الدكتور أحمد زويل للعلوم والتكنولوجيا, لكن مازال هناك خوف متوارث من ممارسات الحكومات المصرية فى الأربعين عاماً الأخيرة فى تعاملها مع المشروعات الحيوية والجادة لخيرة علمائنا فى الخارج.
الخوف أن يقتصر الاهتمام بالمشروع على مؤتمر صحفى واحتفال وأحضان وقبلات و«شيكارة أسمنت وشوية طوب على أرض صحراوية» ثم تمر الأيام والسنون ويسكن المشروع ذاكرة النسيان. أتمنى أن تبدد حكومة شرف والمجلس العسكرى هذا الخوف، ونرى لأول مرة من ستينيات القرن الماضى مشروعا قوميا للنهضة والتنمية يتفاعل معه الناس ويلتفون حوله ويبذلون من أجله المال والجهد والعرق، فمنذ مشروع بناء السد العالى لم تشهد مصر مشروع قوميا بمعنى الكلمة وليس مجرد «بروباجندا» لتزيين وتلميع صورة الحاكم أو الحكومة.
لذلك نتفاءل كثيرا رغم المخاوف والصعوبات بمشروع مدينة زويل للعلوم التكنولوجية التى ستنهض بالبحث العلمى فى مصر ومستوى علمائنا بالداخل، فكل ما نحتاجه إدارة علمية وإرادة سياسية للنهوض بالبحث العلمى، فالكوادر العلمية متوفرة، ومراكز الأبحاث عديدة، ولكنها مبعثرة ومشتتة، وتحتاج إلى توحيدها تحت راية واحدة، فهناك أكثر من 40 مركزا تعمل بشكل عشوائى ولا يستفيد منها أحد.
وهنا أعتقد أن هناك عبئا كبيرا على عاتق الدكتور زويل لوضع خارطة طريق للبحث العلمى فى مصر ووضع خطة استراتيجية واضحة ومحددة المدة والهدف من خلال وزارة متخصصة للعلوم والتكنولوجيا يتولى مسؤوليتها الدكتور زويل نفسه. فمصر الستينيات أنشأت وزارة خاصة للسد العالى ألغيت بمجرد الانتهاء من مراحل البناء، والبحث العلمى يستحق وزارة خاصة به لأنه بوابة الحل لكل المشاكل، من الزراعة والطب، إلى أزمة المرور والطماطم وأنابيب البوتاجاز.
حلم النهضة عبر بوابة البحث العلمى قابل للتحقق، وإن كان صعباً، ولكنه ليس مستحيلا، فثورة يناير بعثت الأمل من جديد فى إمكانية تحويل الأحلام الكبيرة إلى واقع على أرض مصر.
وربما يكون التمويل حجر عثرة أمام تمويل البحث العلمى، ولكن لدينا رجال الأعمال والقطاع الخاص الذى سيستفيد بلا شك من النهضة العلمية المتوقعة، فالأمل أن يصل حجم الإنفاق على البحث العلمى خلال 10 سنوات إلى نحو 4 أو 5 % من إجمالى الدخل القومى مثل إسرائيل.