سامح جويدة

الرفيق العظيم "جودشوف" ومستنقع الغلاء

الخميس، 09 يونيو 2011 10:51 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما انفجرنا من الرأسماليين أو (الرقصماليين) الذين حكمونا فى عهد الرأس الغاشم مبارك.. هللنا وغنينا بقدوم أحد فرسان الاشتراكية ومحاربى اليسار العتيد الرفيق "جودشوف عبد الخالق" وتوسمنا فى الرجل ملامح من عبد الناصر وجيفارا والاتحاد السوفيتى السابق الله يرحم أمواتنا جميعا.. وتعشمنا فيه اقتصاديا حكيما ينادى بالعدالة والتكافؤ والمساواة تحت شعار (الجعان أديله لقمة والعيان أديله حقنة).. كانت كلماته التى كسرت شبابيك الجامعة من ثورتها وغضبها على تسلط الأغنياء وجشعهم وإهمال الفقراء وجهلهم.. كفيلة بأن ننتظر فيلم الموسم وسيناريو اقتصاديا مختلفا يقلب مصر ويعيد توازنها الاجتماعى ويوزع مواردها بيننا بالعدل ويحسن حياة الملايين من البائسين والمحبطين وأبناء السبيل.. كنا ننتظر البطل الذى يحقق مقولة الفاروق (لو كان الفقر رجلا لقتلته) إلا أنه لم يقتله وتركه علينا.. واكتفى بشتمه ولعن (سلسفيل) أجداده من الوزراء السابقين والمسئولين المسجونين الذين خربوا الاقتصاد من القمة إلى القاع وصنعوا من ملايين التجار نماذج مشوهة ومسخوطة لا فرق عندهم بين مال حلال ومال حرام.. وظللنا ننتظر أى (أكشن) من محاربنا العنيد إلى أن اكتشفنا أن الحوار طويل والكلام كثير وبلا تغيير.. ليستمر مسلسل الأزمات بين احتياجات المواطنين وفقر الملايين ونهب التجار وجشع رجال الأعمال وسب معالى الوزير للأعداء... لابد أن نعترف أن الفارس النبيل الذى صال وجال فى حرم الجامعة ونحت عقولنا بسيوف كلماته خارت قواه حينما واجه التموين والدعم والسولار والعيش وأنابيب البوتاجاز.. خانته حكمته فى التغلب على مستنقع المصالح الذى برع الكثير منا فى السباحة فيه.

لقد انتصر منتهى الجهل على منتهى العلم بالضربة القاضية لأن الدكتور فشل فى التعامل مع لصوص المخابز وبلطجية البوتاجاز وهليبة السولار وهمجية السريحة وجشع البائعين، فظل الحال على ما هو عليه لتكتشف أن الفيلسوف الذى ملأ عقلك لا يمكنه أن يملأ بطنك.. وأن الكتب والأفكار الجميلة توضع على أرفف المكتبة وليس على أرفف الثلاجة.. قصة الرفيق العظيم جودشوف عبد الخالق تذكرنى بلعنة الاشتراكية التى تحبها ولا تراها وتؤمن بها ولا تجدها.. مثلها مثل الشعر فاصدق الأشعار أكذبه.. فهل لنا أن نلوم الرجل ونعاتبه!!!. مشكلة وزارة الدكتور عصام شرف أنها أخذت البعض بالأسماء وتجاهلت القدرات.. تجاهلت أن محاضرات الجامعة ووقارها بعيدة كل البعد عن حثالة الأسواق.. أنا شخصيا أشفق على مفكرنا الغالى من كل ذلك وأعرف أن ما بيديه حيلة.. ولكن احترامى لشخصه وعلمه لا يمنعنى من المطالبة بغيره.. أن نستعين بمن لديه الحيلة.. فنحن فى حاجة ملحة (لشيخ منصر) متخصص فى الكشف عن ألاعيب الصغار وخطط الكبار يفهم كيف يوقف هذه الفئات الحقيرة ويصد جشعهم عن هذا المجتمع.. نريده سليط اللسان وليس حكيم الزمان.. حازم وليس حالما.. نريد بعض العنف لأننا ضجرنا مما يمارس علينا من عنف.. أن أصعب ما تواجهه الثورة الآن هو الأمن.. الأمن الشخصى والأمن الغذائى.. فبلطجية الشوارع لم يتركوا جريمة إلا و فعلوها جهرا حتى جعلونا مثل الأطفال نخاف من ظلنا.. وبلطجية الأمن الغذائى يبيعون فينا ويشترون ليل نهار وكأننا غنم يعيش عمره بحثا عن العلف... يا سادة إننا نعيش أسوء أزمنة التضخم حتى تكاد الناس أن تنفجر.. أى سلعة لها عشر أسعار ليس فيهم سعر يرضى ربنا.. فهامش الأرباح الذى تضعه الشركات على السلع الغذائية مهول والتجار يضاعفون الأسعار بمزاجهم وإما أن تشترى أو تموت من الجوع.. وكرد فعل طبيعى على هذا الجشع يغالى الكل فى أجره بداية من الطبيب وحتى السباك.. حلقة مفزعة من الانتقام الجماعى ضحيتها الموظفين برواتبهم الثابتة وأغلب فقرائهم من العاملين فى مؤسسات الدولة.. فهل يكفى الحد الأدنى للمرتبات (700 جنيه) للوصول للحد الأدنى من الغذاء.. احسبوها قبل أن تسألوا لماذا يفسد الموظف الحكومى ويقبل الرشوة أو يتعامل مع عمله بسلبية وبلا التزام.. الغلاء يصنع مجتمعا مسعورا، لأن لا أحد يقبل أن يكون الفريسة الوحيدة.. وإذا كنا بصدد بناء اقتصاد حقيقى يقوم على العدالة الاجتماعية فيجب أن ننتبه إلى أهمية وضع نظام قاسٍ فى البيع والشراء ولو على حلويات الأطفال.. مهما قلنا ومهما حلمنا ومهما تفوهنا بالشعارات فسيظل الوضع على ما هو عليه.. مطلوب الكثير من العنف والشدة فى التعامل مع هذا الجشع الذى غمر الاقتصاد الوطنى وغرقنا جميعا فيه و ليس هناك بارقة أمل أو حتى عوامة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة