خيط رفيع بين حكومة مسيسة، وبين حكومة مرتبكة، هدفها إنهاء اللحظة دون البحث عن حل نهائى.
فى لقائه مع الشباب قدم الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء، وعودا بتعجيل محاكمات، أو اتخاذ إجراءات.. الوعود متعجلة وغرضها الخروج من لحظة التصادم، وعود موضعية قد تنجح فى تسكين الوضع وليس علاجه، وتجعل احتمالية التكرار واردة.
شرف وعد بتطهير الداخلية من المتهمين بقتل المتظاهرين، ولا نعرف ماذا سوف يحدث لو صدرت أحكام قضائية ببراءة بعض هؤلاء، فهل يمكن أن تستمر الاعتراضات على الأحكام مثلما حدث الأسبوع الماضى مع ضباط السويس؟
وزير الداخلية قال إن الطرد بدون إدانة يخالف القانون، وهو كلام لم يجد ردا، ويطرح سؤالا: هل نطالب بأحكام إدانة أم بتطبيق القانون وتحقيق العدالة؟ أسئلة يجب أن تكون الحكومة مستعدة للإجابة عنها، مع ملاحظة أن هناك بالفعل مشكلة فى الأدلة والتحقيقات يمكن أن تنتهى بأحكام براءة تعيدنا لنقطة الصفر.
النقطة الثانية قرار تفريغ دوائر قضائية لمحاكمة المتهمين بالفساد أو بقتل المتظاهرين.. ما موقف أصحاب القضايا العادية الذين يحتمل أن تتعطل قضاياهم، هل يمكن أن تسعى الحكومة لتطبيق القانون بمخالفة القانون؟
الحل إذن ليس فى وعود هدفها فض الاعتصام، لكن علاج أسبابه نهائيا، وهو أمر غائب، ويجعل احتمالية العودة لنقطة الصفر واردة.
وعود شرف لممثلى الائتلافات إجرائية، ربما كان الأنسب إسناد الأمر لمجلس القضاء الأعلى حتى يمكنه توفير دوائر أكثر وضمانات أكبر لتحقيق العدالة بشكل سريع لا يخل بإجراءات العدالة وتحقيق الأدلة.. الهدف تحقيق العدالة وليس الانتقام.
الأمر الثانى يتعلق بالمشاركين فى الاعتصامات، وإذا ما كانوا هم أيضا يضعون فى اعتبارهم الرأى العام أو الجمهور، عليهم ألا يتجاهلوا مصالح الآخرين، خاصة أنهم يقدمون أنفسهم على أنهم ينوبون عن جموع، نجحت مليونية التحرير بحضور كبير، والمعتصمون لا يمثلون أنفسهم. ونجاحهم يأتى من تأييد الأغلبية وأيضا هو نجاح للثورة.
ما يحدث أحيانا أن الاعتصامات والمظاهرات تخرج عن سياقاتها، رأينا محاولات لتعطيل الملاحة فى القناة، أو دعوة لقطع شريط المترو، أو حتى منع موظفى مجمع التحرير من العمل، وهى تحركات تصطدم مع مصالح قطاعات أخرى، وتنزع عن الاعتصامات سلميتها وتدخلها فى مواجهة مصالح لجمهور، فضلا عن أنها تسحبها لقضايا فرعية تضيع الوقت.
قبل ذلك أفرط الدكتور عصام شرف فى وعود غير قابلة للتنفيذ، فما الذى يضمن تنفيذ هذه الوعود؟
هنا يأتى دور الخيط الرفيع بين السياسة والانتهازية والازدواجية، السياسة تغيب فتتقطع خيوط التفاهم، وتبعد الثورة عن أهدافها، لنعود كل فترة إلى النقطة صفر.