هل نحتاج إلى السياسة الآن؟ نعم نحتاج إلى كثير من السياسة، ونحن ننتقل من نظام متسلط استمر ثلاثين عاما إلى نظام آخر، يكون للناس فيه دور ومشاركة، بعد ثلاثين عاما من حكم الفرد الذى غير خريطة اتخاذ القرار. السياسة المطلوبة تتضمن المناورة والأخذ والرد.. والاقتراب والابتعاد.
أزمة حكومة الدكتور عصام شرف، أن الناس يرونها ضعيفة، حيث يجب أن تكون قوية، أمام القيادات القديمة، وأمام التغييرات، وغير قادرة على تنفيذ وعودها. حكومة لاتتحرك إلا تحت ضغط. كانت كلمة الدكتور عصام شرف الأخيرة بعد ساعات من الانتظار تحصيل حاصل، ولم يكن الأمر يستدعى كل هذا الانتظار.
الانتقادات الموجهة لشرف، ليست له بشكل شخصى، لكنها انتقادات موجهة إلى النظام السياسى كله، ويتحمل المجلس العسكرى نصيبا من الأمر، ويخطىء من يظن أن ترك شرف وحده فى الصورة يحرقه وحده، لكن الفشل يحرق المشهد كله. خاصة وأن القرار النهائى فى يد المجلس العسكرى، وأى انتقاد إلى شرف يمتد إلى المجلس الذى عليه هو الآخر أن يقدم دورا سياسيا أكبر مما هو قائم.
الظاهر الآن أن السياسة غائبة لدى كل الأطراف، ولهذا فإن الصدام وارد، ومن الصعب أن يعرف أحد « من مع من.. وضد من»، وهو أسوأ وضع يمكن أن تكون فيه السياسة. التحركات الأخيرة للحكومة، وقرارات شرف والإعلان عن تعديل وزارى وحركة محافظين جاء بعد المليونية، والتهديد بمزيد من التصعيد، وهو اعتراف بأن الموجودين غير صالحين، فلماذا يتم الاحتفاظ بوزراء ومحافظين ينتمون للنظام السابق، وغير قادرين على العمل أو الإنجاز. و هم الذين استخدموا مناصبهم لخدمة التوريث والتزوير.
والتعثر لايتعلق فقط بمحاكمات الفاسدين والمتورطين فى القتل، لكنه يتعلق بعدم القدرة على تقديم خطوات تشير إلى تحسن فى الأحوال الاقتصادية، ووقف تأثيرات الفقر والاحتياج على نصف الشعب. وهو دور يتجاوز الوعود والطبطبة، و يفترض أن يترجم إلى إجراءات حاسمة نحو تحسين أحوال الفقراء والفلاحين والعمال، والعلاج والضرائب. والمحافظون أكبر من أن يقوموا بالافتتاحات والتمثيل، بل هم حكام عليهم دور حقيقى لمواجهة أزمات المرور والعلاج والتعليم والطرق.
كل هذا وغيره يشير إلى أن ما يغيب عن الحكومة والمجلس هو السياسة والإرادة. لقد كان معاوية يقول «لو أنّ بينى وبين الناس شعرة.. ما انقطعت، كانوا إذا مدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها». شعرة معاوية يمكن أن يستخدمها المتسلط، وأيضا الثورى والانتهازى.. السياسة التى تضمن أن تبقى الأمور فى نقطة التوازن، بين الاستقرار والانهيار. لقد غيب النظام السابق السياسة، ولاتزال غائبة عن الجميع. غابت شعرة معاوية لدى الحكومة والمجلس، وحضرت لدى الانتهازيين فى كل مكان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد منير
بصرف النظر
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصري حر
الثورة أولاً
عدد الردود 0
بواسطة:
الهام
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed
اشكرك ياصاحبه التعليق رقم 3