ناصر عراق

هل يصبح التعديل الوزارى المرتقب ابتذالاً للثورة؟

الخميس، 14 يوليو 2011 09:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو أن الذين يحكمون البلد الآن لا يدركون المعنى العميق لكلمة "ثورة"، التى تعنى باختصار هدم نظام قديم، وتشييد نظام جديد. لكن للأسف الشديد، لم ينتبه أولو الأمر عندنا إلى أن المصريين الذين نجحوا فى إطاحة مبارك وزبانيته من عرين السلطة قبل ستة أشهر بالضبط (أكتب هذا المقال فجر 13/7/2011) لن يتوقفوا عن المطالبة والحلم بتأسيس هذا المجتمع الجديد الذى نصبو إليه جميعاً، كما لن يسمحوا بإعادة الديكتاتورية مرة أخرى، ولو بأشكال وصيغ مختلفة.

الداعى لهذا الكلام، هو بيان الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء، الذى ألقاه مساء الاثنين 11/7، محاولاً امتصاص الغضب المتصاعد من قبل الثوار المدعومين من أغلبية الشعب المصرى ضد التواطؤ والغموض والتباطؤ فى اتخاذ القرارات الثورية التى تطالب بها الجماهير المصرية.

لم يكن خروج الحشود يوم الجمعة 8 يوليو الفائت فى كافة ميادين الجمهورية تحت شعار (الثورة أولاً) إلا تعبيراً عن خيبة أمل كبيرة فى أولئك الذين يديرون شئون البلد منذ سقط النظام فى 11 فبراير، خاصة بعد أن خطف وزراء سابقون متهمون بالفساد حكماً بالبراءة، علاوة على إبقاء ضباط الشرطة المتهمين بقتل المتظاهرين فى مناصبهم، الأمر الذى أجج مشاعر السخط لدى الملايين من هذه الأحكام المريبة والقرارات المشبوهة.

صحيح أن عصام شرف أعلن فى بيانه أنه كلف وزير الداخلية، منصور العيسوى، بإيقاف هؤلاء الضباط عن عملهم، إلا أن هذا التكليف جاء متأخراً جداً وتحت ضغط الشارع الذى نفد صبره على من آل إليهم حكم مصر، لأنهم، وبصراحة شديدة، خذلوا الملايين الذين خرجوا بصدورهم العارية مطالبين بإسقاط نظام مبارك الظالم المستبد، من أجل بناء نظام جديد ينهض على الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وهو ما لم يتحقق، ولا يلمح الناس فى الأفق أية إشارة إيجابية نحو تحقيقه بكل أسف!

حسناً... إذا كانت الأمور ليست على ما يرام كما ترى، فكيف نفسر ازدياد الفجوة بين الشعب ومن يحكمونه من يوم إلى آخر؟

ليس عندى سوى إجابة واحدة على ما يحدث، وهى أن الذين ثاروا وجابوا الشوارع والميادين بالملايين منددين بالنظام السابق حتى هوى، لم يستلموا السلطة، وتركوها، راضين، تسقط تفاحة شهية فى فم الآخرين. الأمر الذى ظن معه هؤلاء الذين حكموا البلد أنهم، وحدهم فقط، قادرون على إدارة سفينة الوطن نحو شاطئ الأمان، وهو ظن غير صحيح بالمرة لأن بحر المجتمع متلاطم الأمواج، وفى حاجة ماسة لمشاركة الجميع بعد عقود كابد فيها الشعب ويلات الاستئثار بالسلطة والثروة والنفوذ.

دعنى أكن صريحاً معك، وأخبرك أننى لست على يقين بأن الأمور ستستقيم وتصفو إذا ظل الناس فى واد، ومن يحكمون البلد فى واد آخر، وهو ما نراه الآن بكل أسف، الأمر الذى قد يؤدى إلى عواقب سيئة، لا سمح الله، ذلك أنه من الصعب جداً إجهاض حلم شعب ثار وانتفض ضد الظلم والذل والفقر، لذا أظن أنه من الضرورى الإسراع فى اتخاذ القرارات الحاسمة الآتية لننقذ الثورة من المتربصين بها داخلياً وخارجياً (لا تنس إسرائيل ومكرها، وأمريكا وألاعيبها):

1- تشكيل حكومة وحدة وطنية لها كافة الصلاحيات نصفها من شباب الثورة، والنصف الآخر من ممثلى القوى الوطنية التى ناضلت ضد النظام السابق وتعرض رجالها إلى البطش والكيد مثل حركة كفاية وأخواتها، على أن تعمل هذه الحومة على اتخاذ الإجراءات المناسبة التى تكفل انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد.
2- إبعاد كل الوزراء والمحافظين الذين ارتبطوا بالعهد البائد، بأية صورة من الصور، عن أية سلطة أو دور سياسى.
3- منع كافة أعضاء الحزب الوطنى من ممارسة العمل السياسى لمدة خمس سنوات.
4- منع صحفيى وكتاب مبارك من الكتابة فى الصحف القومية لمدة خمس سنوات، مادام الذين كالوا المديح لمبارك وحزبه وزبانيته لا يتعففون ويواصلون الكتابة بضمير بارد مادحين الثورة والنظام الجديد، وكأنهم لم يسبوا الثوار أثناء اندلاع الثورة.
5- وضع خطة سياسية عاجلة تستهدف تحسين أوضاع المعيشة للملايين أولاً، وتسعى لترسيخ مفهوم العدالة الاجتماعية، كما يجب على هذه الحكومة الجديدة أن تضع رؤية محددة لعملها فى فترة زمنية محدودة باعتبارها حكومة تسيير أعمال.
6- تعيين وزير داخلية مدنى مهمته الأولى والفورية استعادة الأمن فى الشارع المصرى.
7- تقديم الضباط المتهمين بقتل الثوار، وتعذيب المعارضين والناس إلى محاكمات علنية عاجلة، مع ضرورة التأكيد على عدم إسقاط جريمة التعذيب بالتقادم.
8- إجراء محاكمات علنية سريعة لرموز النظام الساقط، وعلى رأسه مبارك وابنيه، وقد كتبت مطالباً بذلك فى هذا المكان يوم 7/4/2011، تحت عنوان (لماذا تحرمون الناس من رؤيتهم فى القفص؟)، فاعترض كثير من القراء على مطلبى هذا!
9- العمل على ردم الفجوة بين الشعب والمجلس العسكرى، والتى اتسعت فى الآونة الأخيرة، لأن كثيراً من أعضاء المجلس نسوا أن الشعب الثائر هو الذى أهداهم السلطة السياسية راضياً مرضياً، لأنه يؤمن بإخلاص الجيش المصرى العظيم للوطن، لذا يجب على العديد من السادة أعضاء المجلس العسكرى أن يترفقوا قليلاً، وألا ينسوا أبداً أنهم يحكمون باسم الشعب.

هذه بعض المطالب التى أرى أن الثوار، يعضدهم الملايين من الناس، يطمحون إلى تحقيقها بأقصى سرعة، فإذا لم تتم، فأخشى أن يقتصر التعديل الوزارى المرتقب على إزاحة بعض الوجوه المشبوهة، وجلب وجوه أخرى لا تلقى القبول. آنذاك سيصبح التعديل الوزارى المرتقب ابتذالاً للثورة العظيمة، وهو ما لا نرجوه بأية حال من الأحوال!.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة