سامح فوزى

جامعة «المواطن» العربى

الإثنين، 18 يوليو 2011 04:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استغربت التصريح الذى أدلى به الدكتور نبيل العربى، الأمين العام لجامعة الدول العربية أثناء زيارته لدمشق، والذى أكد فيه رفض الجامعة للتدخلات الخارجية، وأنه لا أحد يملك أن يسقط الشرعية عن رئيس دولة. تصريح غامض، وغير مفهوم، رفضته المعارضة السورية لأنه يضفى الشرعية على رئيس مستبد يتهاوى. تصريح قديم، كان من الممكن صدوره من عام مضى قبل أن يعرف العرب الربيع الديمقراطى.

إذا كان العربى يقصد أن يسقط الخارج الشرعية عن الرئيس السورى، فلا أحد يوافق على ذلك، وبالمناسبة الخارج هو الذى يدعمه. ليس الدول الغربية، فقط، التى اكتفت بالكلام دون الفعل، بل أيضًا إسرائيل التى سعت لدى الأطراف الأوروبية لتخفيف الضغط عن الرئيس السورى. أما الشعب السورى المستباح من قوات الأسد، بالرصاص والتنكيل وخلع الحناجر وقطع الأعضاء الذكورية، فهؤلاء يستحقون الدعم، وبيدهم أن يخلعوا بشار الأسد، الذى لم يكن يومًا يتمتع بالشرعية بالمعنى الذى يقصده أمين عام جامعة الدول العربية.

وليسمح لى نبيل العربى، الذى أكن له كل احترام وتقدير، بأن أذكره بأنه لم يكن ممكنًا أن يكون وزير خارجية ثم أمينًا عامّا لجامعة الدول العربية لولا ثورة 25 يناير التى خلعت الرئيس السابق حسنى مبارك، والذى لم يرَ فى نبيل العربى، رغم ما يتمتع به من قدرات وإمكانات وخبرات، أن يكون وزيرًا لخارجية مصر.

أتصور أن الشعب السورى، وخاصة المعارضين، كانوا يتوقعون موقفًا مختلفًا من أمين عام جامعة الدول العربية، ولا يكتفى بالحديث عن منطق «السيادة» التقليدى، فإذا كان ميثاق الأمم المتحدة يحافظ على سيادة الدول، على حد تعبيره فإن مفهوم السيادة ذاته تغير، ولم يعد تكأة فى يد أنظمة قمعية تضطهد شعوبها دون أن يَطَالَها عقاب. لو كان مفهوم السيادة جامدًا، ثابتًا لكان شعب البوسنة والهرسك قد زال بسبب التمسك بمبدأ السيادة.

كان بوسع الأمين العام لجامعة الدول العربية أن يبدأ عمله، وأكرر هو رجل كفء وذو مصداقية، أن ينحاز إلى الشعوب العربية التى تتوق إلى الديمقراطية، وهى لم تفعل سوى الاحتجاج، ورفض الاستبداد، وتدفع ثمن ذلك من حياتها، وكرامتها. النظرة إلى ما يجرى فى المنطقة العربية على أنه أنظمة سياسية وتدخلات خارجية فهذا تبسيط لا معنى له، وبسببه عاشت الشعوب العربية فى ظل واقع مرير، لا يعرف الديمقراطية، ولا التنمية، يعيش فقط أسير وهم مواجهة القوى الخارجية، فى الوقت الذى تنكل بهم الأنظمة الحاكمة فى الداخل، وتقدم كل التنازلات والتسهيلات والتشهيلات للقوى الخارجية حتى تظل قابضة على مقاليد الأمور.

النظام السورى فى مأزق، وبعض من الأفعال التى ارتكبها منذ مارس الماضى تدخل تحت لافتة الجرائم ضد الإنسانية، ويجعل غض الطرف دوليّا عنه غير جائز. الحوار هو المخرج للنظام السورى، ليس الحوار بالصيغة التى يطرحها فاروق الشرع نائب الرئيس، ولكن باتخاذ إجراءات جادة تبعث الثقة والجدية فى مجمل العملية السياسية، وهذه الإجراءات هى وقف أعمال قتل المحتجين وسحب قوات الجيش من الشوارع، والسماح بحرية التظاهر والاحتجاج السلمى، ووقف جميع أشكال الملاحقة للناشطين المعارضين والحقوقيين، والإفراج عن المعتقلين.

وإذا كان الأمين العام لجامعة الدول العربية يولى أهمية لمبدأ سيادة الدولة فإننى كنت أتوقع أن يوصى بأهمية إجراء تحقيقات قضائية مستقلة تكفل محاسبة المسؤولين عما وقع من جرائم، وتحول دون إفلاتهم من العقاب، ولا يخفى على أحد أن التخاذل عن الاضطلاع بهذه المهمة على المستوى الوطنى سوف يفتح الباب أما التدويل، تلك الكلمة التى نخشى منها كثيرًا فى العالم العربى.

هذا هو الخطاب الذى كنت أود، ويود كل الأحرار فى المنطقة العربية الاستماع إليه من أمين عام جامعة الدول العربية، لأن فى النهاية المؤسسات الإقليمية فى الأمم المتقدمة تنهض على احترام حقوق الإنسان أكثر من تمثيل الأنظمة الحاكمة.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد محمد

عروبة ووطنية الدكتور نبيل العربى

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة