الإيمان الصادق عندما يحل فى القلب ويعتلى عرش العقل هو فى الحقيقة خلق جديد، لأن الإيمان الصادق الخالى من النفاق والخداع هو نور وحياة وقوة تغير للظاهر والباطن.
مع الخلق الجديد تبدأ الحياة الجديدة، أداء الحواس يتغير، فالعين تستحيى من رؤية الباطل، واللسان يذكر الله فى كل الأوقات وبكل الأشكال، ولا يقول إلا خيرا، والعقل ينزع الجسد من محدودية الأرض البدنية واليابسة السلوكية، والقلب يسجد فى الأنوار ولرب الأنوار، ويجد فى سعيه ليزداد القرب قربا، وليصبح الشهود سجودا والسجود شهودا.
الله هو الرب والمحبوب الذى له السجود الكلى.. السجود الظاهر فى الحركة والتعاملات وفى الصلوات، والسجود الباطنى، فكل ما فى العالم الباطنى للإنسان يسجد ويسلم وجهه لله سبحانه، حتى الخواطر والخطرات.
عندما يحل الإيمان فى الإنسان فهذه حالة أشبه بطوفان نوح، فيهطل المطر العلوى، وتتفجر الأرض عيونا.. أرض الجسد الإنسانى تغرقها الرحمة والأنوار.
لقد استجاب المنعم القدير لصرخة العبد بأنه مل وأبغض المعاصى والذنوب، فطهرته السماء، وقربه رب الأرض والسماء، وباركته أرواح العالمين، وفرحت به لأنه سيصبح نجما تهتدى به الأرواح فى صحراء الحياة وفى ظلام الليل.
والعبد فى هذه الحالة هو أشبه ببحر مالح طلعت عليه شمس الحقيقة بأنوراها فبخرت مياهه المالحة لتحولها إلى قطرات من الماء العذب تحمله رياح المحبة إلى عالم الرفعة والنور والطهارة والعشق، فإذا جاء الأمر بأن يمطر السحاب النورانى نزل على الأرض، فاهتزت وربت وبعثت من موات برحمة الله العلى القدير.
من أراد أن يرى النور فعليه أن ينظر إلى الصورة المثلى، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.