فى كل مرة تتأزم فيها الأمور وتتعقد ولا يبدو الحل سوى باللجوء إلى ميدان التحرير للتظاهر والاعتصام خاصة فيما يسمى بمليونية الجمعة، يسارع المجلس العسكرى إلى التدخل العاجل والفورى سواء مساء الأربعاء أو صباح الخميس بإصدار قرارات وقوانين تبدو للبعض أنها خطوة استباقية قبل جمعة التظاهر والاعتصام فى الميدان ويراها البعض أيضا أنها «هدايا ليلة الجمعة» التى تهدف إلى التهدئة وامتصاص غضب المتظاهرين.
هدايا ليلة الجمعة من المجلس العسكرى لا يمكن التقليل منها بل إنها تأتى متجاوبة مع مطالب غالبية الشعب والقوى والحركات السياسية والائتلافات الثورية قبل كل مليونية.
آخر «هدايا ليلة الجمعة» هو ما أعلن عنه المجلس العسكرى مساء الأربعاء الماضى بإنشاء صندوق لرعاية أسر شهداء الثورة صحيا واجتماعيا يتبع مجلس الوزراء، وهو المطلب الذى دعت بسببه بعض القوى والحركات السياسية إلى مليونية أمس الجمعة فى ميدان التحرير عقب أحداث ليلة الثلاثاء الغامضة والتى اختلط فيها الحابل بالنابل واستخدمت فيها الشرطة العنف المفرط غير المبرر ضد بعض أسر الشهداء.
قرارات المجلس العسكرى فى كل خميس مهمة ولكنها تكشف عجز حكومة الدكتور عصام شرف عن التعامل السريع مع الأزمات الحالية، خاصة فيما يتعلق بقضية تعويض أسر الشهداء، مع الأخذ فى الاعتبار أن تلك الحكومة مثقلة بأعباء كثيرة ومطلوب منها حل مشاكل مزمنة فى فترة انتقالية لن تتعدى 6 شهور، وعدد كبير من أعضائها يتعامل بمنطق «الباب اللى ييجى لك منه الريح»، بمعنى عدم التورط فى إصدار قرارات أو حسم قضايا عاجلة يظن أنها قد تطيح به أو تتسبب فى محاسبته، خاصة أن الحكومة الحالية انتقالية ولا تستند إلى شرعية دستورية أو برلمانية نظرا لطبيعة المرحلة الحالية.
لكن إذا كانت حكومة الدكتور شرف وافقت وأخذت على عاتقها تحمل المسؤولية فعليها أن تتعامل بأنها حكومة الشعب التى يجب أن تلبى مطالبه واحتياجاته سواء كانت حكومة مؤقتة أو دائمة.
المأزق الحالى الذى نعيشه يستدعى الشفافية ووضع برنامج إنقاذ واضح ومحدد المدة وإزالة الشكوك التى تحيط ببعض القضايا مثل التباطؤ فى محاكمات المسؤولين عن قتل ثوار يناير وعلى رأسهم حبيب العادلى، وقضية غياب الأمن وإعادة هيكلة جهاز الشرطة وتطهير وزارة الداخلية.
لا بد من الخروج من مربع ميدان التحرير إلى مربعات أخرى يعلو فيها صوت العمل والإنتاج والبناء.