مبارك فى غيبوبة، مبارك يحتضر، مبارك صحته مستقرة، مبارك استرد الوعى بعد سقوطه فى الحمام، مبارك يرفض الطعام، مبارك مصاب باكتئاب، وطبعاً بارتجاف أذينى، مبارك غادر السرير، مبارك لن يغادر شرم الشيخ، مبارك فى طرة قريباً، مبارك يحاكم فى مجمع محاكم شرم، مبارك لا ينام فى سريره بالمستشفى، مبارك قاب قوسين أو أدنى من ملك الموت، الأعمار بيد الله والرجل فى العقد التاسع مع عمره يعنى الوفاة أمر منطقى وغير مستغرب، المهم ربنا يغفر له ويسامحه ويساعدنا إحنا، المفروض ألا ننشغل بوفاة الرئيس السابق وننشغل أكثر بالتفكير فيما نفعله بعد وفاته المتوقعة، هل ساعتها نستطيع الحصول على فلوسنا المنهوبة؟ الرجل مصمم حتى آخر نفس يتردد فى صدره على كلامه، ويكاد يقسم بالكتب السماوية وغير السماوية أنه لا يملك فلوساً ولا قصوراً ولا سبائك ذهب أو بلاتنيوم فى الخارج باسمه أو بأسماء الشهرة للمقربين والتابعين، والخارج هنا ليس بالضرورة أن يكون أوروبا والدول المتقدمة فمن الممكن أن يكون محميات الأموال المنهوبة وهى معروفة من أول جزر «كيمان» مروراً بقبرص وانتهاء بأمريكا اللاتينية ومنطقة الربع الخالى فى الجزيرة العربية، طيب ما هى خططنا لاستعادة هذه الأموال المنهوبة إذا نفذ سهم الله وانتهى أجل مبارك؟
أمامنا عدة طرق والسير فيها يستوجب التفكير والعمل بطريقة غير تقليدية، أولها البدء من الجملة الشهيرة للرئيس السابق نفسه: «إبنى بيساعدنى» هل تذكرون هذه الجملة؟ إذن لابد من الحصول على المعلومات الكاملة من الأستاذ جمال مبارك حول ثروات مصر التى استولت عليها العائلة بأى شكل من الأشكال، وحتى الآن أثبتنا فشلاً ذريعاً فى التعامل مع الابن المساعد، حتى بدأ هو فى التلاعب بنا، وثانياً التحرك فى دائرتنا الأولى، الدائرة العربية للبحث فى أضابير الأجهزة والبنوك والدواوين الملكية والأميرية هناك عن الدماء المصرية التى تم سفكها وتحويلها إلى أرصدة وشراكات، فلا يجب أن تترك لينهبها الشركاء بعد موت الزعيم، وثالثاً، لماذا لا تتحرك لجان استرداد أموال مصر والأجهزة الموقرة فى هوامش العالم بحثا عن ثرواتنا المنهوبة، التحرك فى أمريكا اللاتينية أو جزر غسل ودفن الأموال له خبراؤه ومفاتيحه وعمولاته ونتائجه مضمونة أكثر من بعثات طرق أبواب لندن ونيويورك وباريس، فهذه العواصم الاستعمارية ستظل على حالها، استعمارية الروح والهدف والسياسة، ولن تفصح أو تكشف عن جسم جبل الجليد المستقر فى خزائنها، ربما تعطينا ما قد يظهر من قمته بعد سنوات طويلة من استنزافنا بالعراقيل والشروط والثمن المقابل، فهذه العواصم تحديداً هى من وضع منهج تحويل بلدان العالم الثالث إلى مزارع وعزب محكومة دائماً بواسطة لص دموى أو عميل يقمع شعبه ويهرب أمواله إليها لتحفظها له من الهمج والغوغاء «إحنا يعنى»، وعندما يسقط تدير له ظهرها ببراءة، كأى بائعة هوى تتعامل مع مقامر سكران خسر كل نقوده!
ماذا سنفعل نحن بعد وفاة مبارك المتوقعة؟ أتوقع أن تخرج مليونية من ميدان التحرير أو روكسى أو مصطفى محمود سيان وأن تذاع الجنازة على الهواء مباشرة وأن تبكى البنات الأبكار والنساء الثيبات بدموع غزيرة ومن ورائهن الرجال المسحوبون من أنوفهم إلى حائط «المسامح كريم» والراجل خرج من الدنيا بإيه غير «قطنة» وأهو الكفن مالوش جيوب ولا تجوز عليه إلا الرحمة، والمهم اللى جاى ميكونش حرامى ولا عنده عيال عايز يورثها.. يلا يا جماعة شوفوا فيلم تانى نتفرج عليه.