مدحت قلادة

لماذا ترفض الجماعات الدينية المبادئ فوق الدستورية؟

الخميس، 21 يوليو 2011 10:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الدستور هو القانون الأعلى فى البلاد، الذى يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ونظام الحكم ونوع الحكومة، وينظم السلطات العامة فيها، من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التى بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات، ويضع الضمانات لها تجاه السلطة.

كما أن الدستور هو عقد اجتماعى بين المواطنين، يحدد هوية الدولة والعلاقة بين الحاكم والمحكومين، مما يستلزم مشاركة المواطنين بصورة عادلة، مهما كانت قومياتهم ودياناتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم الفكرية والسياسية، وأيا كانت أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية وموقعهم الجغرافى.

وإذا كان الدستور عقدا اجتماعيا، فإنه لابد من التوافق عليه ضمن قواسم مشتركة من كل الأطياف واتباع الديانات والمذاهب، انطلاقا من المشاركة العادلة لجميع الأطياف باستثناء المتطرفين قوميا أو دينيا او مذهبيا أو سياسيا لأنهم ضد الديمقراطية ومفهومها السليم الذى يعنى "حكم الجميع وليس حكم الأغلبية".

فالمتطرفون والمتعصبون يؤمنون بالعنف، ومن يؤمن بالعنف لا يؤمن بالديمقراطية ولا بقواعدها، ومنها مبدأ التداول السلمى للسلطة ومشاركة الجميع فيها دون تمييز، ولهذا فإن الدستور العادل يجب أن يضمن القيم الإنسانية السامية، مثل الحق والعدل وحرية التفكير والتعبير، ويكون ترجمة فعلية للإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى صادقت عليه جميع دول العالم تقريبا ومنها مصر ودول العالم الحر.
إن مصر اليوم تمر بمرحلة مخاض تحتاج لدستور جديد يلبى شعارات ثورة اللوتس البيضاء "مدنية مدنية" دستور يحقق مصالحة وطنية, يجمع ولا يفرق، دستور أى "عقد اجتماعى" يحقق مطالب كل فئات الشعب، يلبى رغبات واحتياجات الجميع، انطلاقا من مبدأ مشاركة الجميع، ويلبى مطالب وحقوق جميع المواطنين، وكل الفئات بصورة متساوية وبعدالة.
والدستور يجب أن يضمن الحقوق المتساوية للجميع ودون تمييز لأى سبب كان وحق ومشاركة للكل، لذا فقد ارتفع صوت عدد من الحقوقيين ورؤساء الأحزاب منهم الدكتور أسامة الغزالى حرب رئيس حزب الجبهة يطالب بوضع مبادى فوق دستورية "خطوط عريضة يسير عليها الدستور"، تضمن عدم انحيازه لفئة من فئات الشعب، يحقق ليس مطالب المرحلة فقط بل يسير بمصر نحو مستقبل أفضل يقود مسيرة مصر نحو الرقى والتصالح الاجتماعى، نجد هناك حملة شعواء من الجماعات الدينية للوقوف بشدة ضد المبادئ الدستورية العليا معتبرين أنها التفاف على الإرادة الشعبية.
هم يريدون أن تكون مصر دولة دينية وليست دولة مدنية متحضرة تنسجم مع تاريخها وحضارتها التى تمتد إلى عمق تاريخ البشرية، ويريدون منها أن تسير حسب رغباتهم وأهوائهم محاولين تكريس مصر كدولة دينية راعية لدين على حساب أديان أخرى محاولين هدم فكرة العقد الاجتماعى بكلمات بعيدة عن الحق، وعن الواقع، مسخرين الدين مطية لدغدغة مشاعر البسطاء ومحاولين استخدام ذات الأساليب أثناء الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى شهر مارس الماضى فهم يهددون بتظاهرات مليونية.
ويتضح من كلمات ياسر برهامى، شيخ وإمام الدعوة السلفية بالإسكندرية، أن ما يقوم به بعض النشطاء السياسيين من وضع مبادئ فوق دستورية، لتكون أساسا تلتزم به أى لجنة تأسيسية يتم تكليفها بوضع الدستور، خروجا على شرع الله وتحديا لإرادته! واسترسل الدكتور برهامى من وصفهم بغلاة العلمانية والليبرالية بأنهم دعاة للعرى والجرى وراء الشهوات، وأنهم أقلية ديكتاتورية تريد فرض آرائها على جموع الشعب المصرى. وأضاف، "ليس فوقنا سوى الله فقط ولا يوجد شىء اسمه مبادئ فوق دستورية"، وهو يريد بذلك التأثير على الرأى العام لمنع إنشاء دولة مدنية.
كما هاجم الشيخ نادر بكار، أحد المتحدثين الرسميين باسم الحزب، المعتصمين بكل ميادين مصر، مشيرا إلى أنهم قد اتخذوا من دماء الشهداء ذريعة لإشاعة الفوضى ووقف عجلة الإنتاج، كما وصف اعتصامى سعد زغلول والقائد إبراهيم بالإسكندرية بأنهما عبث صبيانى وأنه لا مبرر لهما.
والسؤال هو لماذا ترفض الجماعات الإسلامية ماتنادى به الشرائع السماوية؟!
لماذا ترفض الجماعات الدينية ما يتشدقون به مثل شعارات العدل؟!
لماذا تسعى تلك الجماعات لخلق توتر وانقسام داخل الشعب المصرى، محاولين النيل من وحدة الصف بين الشعب بعد ثورة بيضاء وحدت وصهرت الشعب المصرى فى بوتقة واحدة؟!.

أخيرا إن تبنى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة هو أفضل صورة لعقد اجتماعى، فنهضة مصر وتطور المنطقة مرهون بتبنى واضح وصريح للميثاق العالمى، وأصبح معيار الدول المتحضرة هو احترام حقوق الإنسان وإلغاء عقوبة الإعدام وإشاعة الحوار والتسامح ونبذ التمييز والتفرقة بين البشر على أساس القومية أو الدين أو الأصل أو اللون أو المنطقة أو الجنس.










مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة