أنا لست «سبارتاكوس»

كثيرة هى الرسائل والتعليقات التى تصلنى على مدار الأشهر الفائتة من قراء ومتابعين يؤكدون- إثر كل مقالة أو مداخلة فى برنامج أو حوار فى فضائية- أننى أمثل للكثيرين مثالاً مسيئاً لشباب الثورة، وللثورة ذاتها، ويختلف أصحاب هذا الرأى- وهم كُثر- فى أسبابهم التى تؤدى كلها فى النهاية لذات النتيجة، لكنها تدور غالباً فى فلك نقاطٍ ثلاثة.. أولها: أننى- فى رأيهم- شخصٌ صدامى عنيف، أهاجم بضراوة وأنتقد بقسوة، ثانياً: أننى لا أمتلك دهاء السياسيين وذكاءهم عند الخصومة، فأصادق بصراحة وأعادى بصراحة، وأخسر «الناس» بسبب ما يسمونه بـ«التعصب الثورى» الذى يقودنى-فى رأيهم- لحد الجنون.. ثالثاً: أننى لا أمتلك الحد الأدنى من احترام الكبير، ولا أستحى من مهاجمة أشخاص وهيئات لها مكانها ومكانتها، وحتى لا أدّعى مثاليّة لا أمتلكها فقد وجب علىّ توضيح الأمر حتى لا أتحول- فعلاً- لرمزٍ مسىءٍ للثورة الرائعة وثوّارها الذين أحسب نفسى عليهم، فأنا أعترف جداً بكل ما جاء من آراء للقراء الأعزاء بأننى صدامىّ عنيف، فهذه طبيعتى، وازدادت داخلى مع كل يومٍ سجنت فيه أو تعرّضت لحفلة تعذيب، فأنا بشر وبداخلى شعور بالرغبة فى الانتقام لا أخفيه، ويعرفه جيِّداً كل من عُذِّب أو سُجِنَ ظلماً فى أى موطنٍ أو زمن.. أما عن احترام الكبير وتقديس هيئات وأشخاص بعينهم، فأنا لا أعرف بين البشر مقدّساً سوى النبيِّين ولا أقدر على احترام قاتلٍ، لصٍّ أو خائن، ولا أستوعب كيف أُلام على ردِّ فعلى تجاه «مجرم» فى حين لا يُلام هو على الفعل الذى أوصلنى لردِّه. ببساطة: لستُ نبيّاً ولا قدِّيساً، ولا حتى ثائراً متسامحاً كـ«سبارتاكوس»، بل أريد أن يُقتل من قَتَل، ويُعَذَّب من عذَّب، ولا أجد حرجاً فى أن أقول لشخص أو كيان أنه خان الثورة حين لهث وراء مصلحته ونسى مصلحة الوطن، ولا أجد حرجاً- أيضاً- فى أن أقول للجميع: أحترمكم وأحبكم، لكننى لن أتغيّر وأنافق لأرضيكم. «المجد للشهداء... النصر للشعب».