كتب جهاد الخازن، قبل عدة أيام، فى مقال بجريدة «الحياة»، عما اعتبره إيجابيات الرئيس السابق مبارك، مثل موقف مبارك من حرب الخليج سنة 1990، وموقفه كذلك من إيران، وانتهى إلى أن مبارك يستحق معاملة أفضل. ما كتبه جهاد الخازن قبل أيام، قاله قبله وزير خارجية البحرين، وعبر عنه أيضاً عدد من المسؤولين فى دول الخليج، د. عصام شرف، رئيس الوزراء، قال بعد زيارته الأولى للخليج إنه سمع «تعاطفاً» هناك مع مبارك، لكن لم يحاول أحد التدخل فى الأمر.
والحقيقة أن الرئيس السابق لم يترك فرصة حقيقية للتعاطف، أو للمعاملة الأفضل التى يتحدث عنها البعض، الملك فاروق وهو يتنازل عن الحكم أبدى أمنيات طيبة لمصر وللمصريين، وحتى حين غادر البلاد منفياً، تمنى للواء محمد نجيب، ومن معه من الضباط الأحرار، التوفيق والخير، وتمنى لمصر ولجيشها النهوض، وذهب إلى منفاه، واعتبر ما حدث صفحة طويت، ومارس حياته كملك سابق، لكن الرئيس السابق لم يفعل شيئاً من هذا، وبيان التخلى الذى أذاعه نائب الرئيس عمر سليمان، كان أشبه ببلاغ، ضم 25 كلمة، وبعدها صمت الرئيس، إلى أن أطل ببيان التوبيخ والتهديد القانونى ضد من قال إنهم يشوهون أسرته، وأذاعته قناة «العربية».
لم يترك مبارك أى مساحة للتعاطف ولا للتسامح، كان يمكن أن يصدر بيان اعتذار، أو طلب غفران وعفو من الشعب المصرى، وكان يمكن أن يوجه رسالة للمجلس العسكرى عشية تخليه عن الرئاسة، متمنيا لشعب مصر وله التوفيق، وكان يمكن أن يذيع بيان نقد ذاتى، ويقول إن الصورة لم تكن واضحة لديه، وإنه تم تضليله، وكان يمكن أن يخرج برسالة عزاء ومواساة لأسر الشهداء، لكن لم يخطر بباله ولا بال المحيطين به، وتحديداً أفراد أسرته، أن يقدم على خطوة إنسانية تفتح الباب لإمكانية الحديث عن معاملة أفضل.
لقد حكم مبارك مصر ثلاثة عقود، لكن ثبت أنه لم يعرفها جيدا، ولم يعرف الشعب المصرى.
لو أنه أعلن منذ البداية، أقصد بداية تخليه عن السلطة، أنه أخطأ خطأ كبيراً، وأنه مستعد لتحمل جميع المسؤوليات والتبعات لما قام به، لاختلف الأمر، الشعب يكّبر من يعترف بالخطأ، ويقدر الشجاعة الأدبية.
لو أن مبارك ومن حوله درسوا جيداً بيان التخلى الذى أذاعة الرئيس جمال عبدالناصر يوم 9 يونيو، واستفاد منه، لاختلف الأمر.
كان بيان عبدالناصر يقوم على عدة أفكار بسيطة، مؤداها أنه إنما كان واحدا من أفراد الشعب، وأنه أخطأ خطأ كبيراً، وأنه لا يتهرب من المسؤولية، ومستعد للمحاسبة، وهو أيضاً سيعود إلى الشعب متخلياً عن السلطة ليكون مجرد فرد عادى أو مواطن بين الجماهير..
تعامل بيان عبدالناصر مع الشعب باعتزاز وثقة، فعاملوه بالمثل، وقد أتيحت أمام مبارك فرصة ذهبية يوم 12 فبراير، حين ألقى اللواء الفنجرى بيانه الشهير الذى أبدى فيه التحية العسكرية للشهداء، ففى هذا البيان وجّه المجلس الأعلى للقوات المسلحة الشكر للرئيس السابق على ما قدمه للبلاد حرباً وسلماً، ولم يجد الشعب المصرى أى غضاضة فى ذلك الشكر، ولا غضبوا من البيان، بل سعدوا به، وكان يجب على مبارك أن يرد ببيان يبدى فيه مشاعر طيبة ونوايا حسنة تجاه الشعب المصرى، وتجاه المجلس الأعلى، أو أن يقدم تحية ما للثورة ولشهدائها، وكان بإمكانه تقديم مبادرة ما.
نعرف أن الرئيس السابق لم يكن يوماً ما شخصية خلاقة، ولا كان لمّاحاً، ومن ثم فقد كان على المحيطين به، خاصة نجليه، أن ينصحوه بذلك، الغريب أنه فعل عكس ما كان يجب عليه أن يفعله، وأصدر بيانا توبيخياً، فلم يترك أى مساحة للتعاطف أو للود تجاهه، بل استفز الجميع، حيث بدا كأنه مازال يحكم، ومازال رئيسا، حتى نبرات صوته كانت مفعمة بالغطرسة المعتادة.
ويجلس الآن مبارك فى مستشفى شرم الشيخ، وينتظر الجميع تدخل عزرائيل ليرفع الحرج عن الجميع، لكن ماذا لو لم يتدخل ملك الموت، وأمد الله فى عمره وحياته؟.. هنا لا بد من العودة إلى الأصل، وهو أن يقدم مبارك طلب عفو من الشعب المصرى، أثناء محاكمته أو بعدها.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د اسامه الهنداوى
غريب امرك يا مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصرى
الحقيقة
عدد الردود 0
بواسطة:
طاهر الحفنى
سلام استاذ حلمى
عدد الردود 0
بواسطة:
شادى مطاوع
سؤال
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد طه
اسمك يوحي بيك
عدد الردود 0
بواسطة:
مصريه
الاغرب يا دكتور
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
ممكن عمل واحد يمحو كل الحسنات والعكس صحيح
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
د. مدحت صادق
نعم أتفق معك
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام الجيار
مبارك افسد الحياة في مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال حلمى
كلمة شكر