أسامة داود

مليشيات وفتن كالليل الأسود

الأحد، 24 يوليو 2011 09:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الاختلاف مع المجلس العسكرى وانتقاده لا يعنى تأييد التهجم عليه, على اعتبار أنه لم ينفذ تعليمات مجموعة من البشر مهما كانت أعدادهم.

ننتقد المجلس العسكرى فى لهجته التى يعد بها بياناته وننتقد إصراره على الاستمرار فى تحويل المدنين إلى القضاء العسكرى، ونرفض الاستمرار على عسكرة قيادات المحافظات برجاله, ننتقد لكن نرفض أن يتم التعامل معه بالقوة فليس من المنطق أن نسير فى فرق وجماعات على أساس فرض ما لنا من حقوق. فهنا سوف تحدث الكارثة وسوف نتحول إلى مليشيات وفرق باغية لا يمكن أن نقر منطق القوة فلسنا الأوصياء، وليس كل ما نريده هو الذى يجب أن يتحقق طالما أن المجلس العسكرى يسير وفقا لقواعد تؤدى إلى الانتقال من حكمه إلى حكم مدنى وضع له إطاراً زمنياً بدأ بتعديلات دستورية لا ينكر إلا كل جاحد أنها تمت بناء على رغبة شعبية وبنزاهة مطلقة.. ويمر من خلال انتخابات تشريعية ورئاسية تتحقق برقابة القضاء، ووفقا لمواد دستورية تضمن للحكومة والمجالس التشريعية وللرئيس سلطات محددة وليست مطلقة.

أراهن على أن التعسف بفرض الرأى بقوة الاعتصام والاحتشاد والتهديد بمحاصرة واقتحام مراكز القيادة التى بها المجلس العسكرى هى منتهى الفوضى ومنتهى الهمجية، وأن التصدى من خلال جماعات مماثلة تعنى أن مصر يجرى تقسيمها الآن، ودون أن ندرى، إلى مليشيات وجماعات لتتحكم فينا وبنظام قبلى وهمجى.

وقبلية الميادين تتعادل مع قبلية الطوائف، ولنتحول إلى دولة خرجت من نزيف لصوص الحكم إلى فيضان الطائفية والقبلية والعصبيات التى سوف تتحول مع الزمن إلى ما يشبه الخلايا السرطانية التى تنقسم فى الجسد لتحيله إلى أورام خبيثة يصعب استئصالها.

أشعر بأننى أعيش فى وطن لا أعرفه, وطن حاربنا جميعنا لأن يكون واحة للأمن والأمان لكنه يتحرك الآن وبتخطيط خبيث تجاه هاوية سحيقة بسبب جهل أعمى وتعصب غبى وإصرار على انتزاع ما يروق للبعض لا ما نستحقه، إنهم يرفعون شعارات الحق للوصول إلى الباطل.. أرى أننا ننتقل من شرعية الحوار إلى الرغبة فى الانتقام.. حتى المحاكمات التى نطالب بها يراها البعض أنها لابد أن تنتهى بالإعدام، وهذا ضد المنطق والعقل، إن كنا نطلب المحاكمات فعلينا أن نقبل بنتائجها مهما كانت. وأفضل لنا أن نصمت ولو كانت متواطئة أفضل ألف مرة من أن نفرضها بالدم ولو كانوا يستحقونها.. الآن عرفت عبقرية جمال عبد الناصر عندما قاد انقلاباً عسكرياً رفض عقبه أن تكون نهاية الملك فاروق هى الإعدام أو حتى المحاكمة، وسمح له بالسفر مع ما رغب فيه من كل ما يريده، سواء من الحاشية أو الأموال والنفائس.. كانت عبقرية ناصر أن يجنب مصر شراهة الانتقام وحمامات من الدم فجنب مصر ما حدث بالعراق ودول كثيرة أخرى، ولذلك تحول انقلاب 1952 إلى ثورة بيضاء حقيقة.. بينما تأتى ثورة 25 يناير التى قام بها الشعب لكننا نجد من يدفع فى اتجاه أن تتحول إلى انقلاب عسكرى.. أرى فى كل الحشود التى تنطلق الآن فتنا كقطع الليل المظلم.. اللهم جنب مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة