أكثر جملة يتم تداولها حاليا فى سياق الحديث عن وزارة الداخلية والشرطة هى: «طبعا فى ضباط شرطة شرفاء، ولكن....».
الحمد لله رب العالمين، مفروض نبوس إيدينا وش وضهر، ونصلى ركعتين شكر لوجود بعض ضباط الشرطة الشرفاء يعيشون بيننا فى المجتمع، كأنّ القاعدة هى «أن يكون ضابط الشرطة فاسد وحرامى وضلالى ومش متربى»، وأن وجود «بعض» الشرفاء هو إنجاز يجب أن نشكر وزارة الداخلية بسببه.
نظام عمل الداخلية بدءا من دخول الطالب كلية الشرطة بالرشوة، ثم تخرجه، ثم توزيعه، ثم ترقيته، ثم راتبه، ثم امتيازاته، تنفى وجود ضابط شرطة شريف بمعنى الكلمة.
ضابط الشرطة الشريف هو الذى دخل الكلية بدون رشوة، أو واسطة، وعمل فى المكان الذى تم تعيينه فيه بدون رشوة، أو واسطة، ولم يتفوه بأى لفظ غير محترم ضد أى مواطن، ولم يتقاض رشوة حتى يمكنه إطعام أولاده مع المرتبات الضعيفة، ولم يعذب أحدا، أو يقتل أحدا، ولم يسئ استغلال سلطته فى أى شىء حتى فى تجاوز دوره فى طابور، ولم يستخدم سيارة الشرطة فى شراء الخضار لزوجته، ولم يستخدم العساكر والأمناء لتشغيلهم «خدامين» عنده.
ضابط الشرطة الشريف هو الذى لم ينتهك القانون داخل عمله، ولم يعتبر نفسه فوق القانون خارج دائرة عمله، فـ«فيّم» زجاج سيارته، ونزع اللوحات المعدنية، وسار فى الطريق يدوس على الخلق، لأن ربنا خلقه «ظابط» أو «باشا»، وهم مجرد مواطنين.
إذا وجد مثل هذا الضابط «الشريف» فيستحق أن نعمل له تمثالاً ونضعه فى غرفة نوم كل واحد منا.
اركب بجوار أى سائق ميكروباص واسأله: هل تغيرت معاملة الشرطة معكم؟ سيجيبك: نعم، تغيرت فى البداية، لكنهم عادوا حاليا «أكتر» من الأول، فى جباية الرشاوى، كأنهم يعوضون فترة البطالة السابقة التى عاشوا فيها حالة ال تقشف.
أنا شخصيا لدى جار ضابط شرطة، لديه اثنان من المجندين يستخدمهما كخادمين له ولزوجته، ويستخدم بوكس الشرطة كسيارة ملاكى للمدام والأولاد، ورغم أننى أبلغت عنه برقم السيارة أكثر من مرة، إلا أن تطهير الداخلية سيظل «اشتغالة»، لأن التجربة العملية أثبتت أن الشرطة ليست فى حاجة إلى أن تتطهر، بل إنها تحتاج إلى أن «تتطاهر».