على خلفية الهجوم الذى يتعرض له قانون مجلسى الشعب والشورى الذى أعلن عنه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، جاء فى خاطرى سؤال: هل يكون فى ذهن المشرع وهو يعد قانونًا مثل القانون الذى نحن بصدده الأوزان النسبية للقوى السياسية فى الشارع، أم أنه يتجرد من كل شىء ويعد قانونا نزيهًا فى توجهه للحاضر والمستقبل؟
الطبيعى أن الإجابة تكون بنعم لنزاهة القانون، وأنه لو كان فى ذهن المشرع أوزان القوة النسبية للقوى السياسية فستكون المحصلة فاسدة، فالثابت اليوم قد يكون متغيرًا فى المستقبل، ومن له القوة اليوم، قد يضعف غدًا، وهذا من السنن الطبيعية فى الحركة السياسية للمجتمع. على هذه القاعدة يأتى السؤال المباشر: هل كانت اللجنة القانونية التى أعدت قانون مجلسى الشعب والشورى تصوغ القانون، وهى تعلم أن الإخوان المسلمين هم الأكثر قوة فى الشارع، وبالتالى سيحصدون الغالبية فى أى انتخابات؟
الإجابة لن تكون بتفتيش النوايا، ولكن بالعودة قليلاً إلى المرحلة التى تلت تنحى الرئيس مبارك، فمع الحديث عن الاستعداد لإجراء الانتخابات أطلت آراء منسوبة إلى اللجنة القانونية التى تصدت لمهمة صياغة التعديلات الدستورية برئاسة المستشار طارق البشرى، تقول إن الانتخابات ستكون بالنظام الفردى، وهو ما رفضه معظم الأطياف السياسية، وتمسكت بنظام القائمة النسبية، لأنه سيؤدى إلى مواجهة البلطجة ونفوذ المال فى الانتخابات، وسيؤدى الى تقليم أظافر «الوطنى المنحل»، وسيقلل من الفوز الكاسح للإخوان، وهدد هؤلاء بأنه فى حال التصميم على النظام الفردى فستخرج المظاهرات الحاشدة لإسقاطه.
وأخيرًا استجاب المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأعلن عن قانون فيه القائمة والفردى ليتفادى الطعن الدستورى، ورغم ذلك لم تتوقف الانتقادات، وقيل فيها نفس ما قيل عن الانتخابات بالنظام الفردى، أى أنه سيؤدى إلى فوز الإخوان وفلول الحزب الوطنى.
أذكر هذه الخلفية، حتى يصل القارئ الى إجابة عن سؤال: هل فصلت اللجنة التى أعدت القانون الأمر على مقاس الإخوان والفلول؟ وأقفز منها إلى ما قاله القارئ ثروت إبراهيم السعيد على مقالى أول أمس: نخبة المجتمع تتناحر وتختلف فى الميدان، وتركوا الساحة للإخوان وفلول الوطنى فى القرى والنجوع للتربيط والترتيب.. ويوم الانتخابات سيندم أهل الميدان.