معظم التفسيرات التى قيلت لما جرى فى ميدان التحرير، مساء الثلاثاء، ليست كافية، ربما ليست مقنعة، حديث الفلول ليس جديدا، نعم هناك فلول، وهناك مصالح كبرى ضربت، وأفراد وجماعات، وسيرة الحزب الوطنى المنحل،تقول إن أعضاءه أو المستفيدين تحديدا لديهم استعداد لأن يفعلوا أى شىء حفاظا على مصالحهم، هذه المصالح هى الخط الأحمر الذى يقفون عنده، لست مستعدا لتصديق أنهم يفعلون ذلك من أجل مبارك، لقد تركوا مبارك يسقط ولم يفعلوا أى شىء، ولو أن مبارك نفسه حاول الاقتراب منهم ومن مصالحهم وهم فى الحكم لأثاروا الزوابع والمشاكل أمامه.
ولعلنا نذكر أنه فى عام 2005، قرر جمال مبارك ومعه أحمد عز إزاحة رجال كمال الشاذلى من قوائم مرشحى الحزب لانتخابات مجلس الشعب والدفع برجال جمال إلى البرلمان لتهيئة المناخ التشريعى والبرلمانى لصعود الوريث، وقرر رجال الشاذلى الرد بعنف، حيث سعى بعضهم لدى المشير أبوغزالة ليدخل انتخابات الرئاسة منافسا لحسنى مبارك نفسه، وكانوا بذلك يبعثون برسالة إلى مبارك وولده أنهم سوف يبيعونه هو نفسه، إذا تم تجاوز منه، ولا أعرف كيف تمت تسوية هذه المسألة بينهم، المهم أنهم على استعداد لفعل أى شىء وكل شىء فى سبيل مصالحهم ومكاسبهم.
وأظن أنه لم يكن خافيا على الكثيرين فى الحكومة أن حكما سوف يصدر بحل المجالس المحلية فى مختلف محافظات مصر، ونعرف جميعا أن المحليات هى مخزن أعضاء الوطنى، وفيها نوعيات مثل نواب التجنيد ونواب الكيف، فضلا عن الحوت والغول و... وكان يجب أن يكون هناك تحسب وتوقع لرد الفعل الذى يمكن أن يحدث تحسبا سياسيا وأمنيا، خاصة أن هناك سوابق، حين أحيل حبيب العادلى إلى المحاكمة وحين صدر قرار حل الحزب، وحين تمت إحالة مبارك إلى التحقيق.
المفروض أن هناك سجلا بأعضاء الوطنى، وهناك سجلا بكل ما قام به المستفيدون، والمفترض كذلك أن هناك سجلا بالبلطجية الذين استعان بهم الحزب، سواء من أعضائه أو من خارج العضوية، ونحن كنا نعيش فى ظل نظام وحكومات تجيد تستيف الأوراق، وتجيد تجهيز الملفات لكل إنسان، حتى يظهر الملف المناسب فى الوقت الذى يريدونه، من تربح واستغلال نفوذ، فضلا عن الفساد الأخلاقى والانحرافات بجميع أشكالها.. أين هذه الملفات الآن؟ بالتأكيد هى موجودة فى مكان ما وربما أكثر من مكان وأكثر من نسخة، والمقصود أن أصحاب هذه الملفات معروفون لوزارة الداخلية وللحكومة.
لقد بدأت الأحداث من احتفال صغير أقيم فى مسرح البالون، وهذا يعنى أن الفلول ليسوا مجرد مجموعات بلطجية، بل هناك من يدبر ويخطط، وهناك قبل ذلك من يجمع المعلومات، ويعرف أن احتفالا سوف يقام فى مسرح البالون وأن وزير الثقافة سوف يحضره وأن هناك تكريما لعدد من أسر شهداء الثورة، وهكذا حددوا مكان ولحظة الانطلاق، وجهزوا رجالهم بعصيهم وجنازيرهم، ثم بدأت العملية، وهذا يعنى أننا إزاء حكومة سرية، تقوم بعمل شىء، بينما الحكومة العلنية، الشرعية، حكومة الثورة، فوجئت بما جرى فى البالون ثم أمام وزارة الداخلية وفى ميدان التحرير.
مكتب النائب العام يقوم بالتحقيق فيما جرى، وتم إحالة الذين ضبطوا متلبسين ليلة الأحداث إلى النيابة العسكرية، ونتوقع أن تصدر أحكام سريعة ومنجزة.. لكن ماذا بعد؟
لم ينته الفلول، ولن يتوقف البلطجية، ولن يستسلم أعداء الثورة بسهولة ويقتضى الأمر دراسات وتحقيقات جادة، كيف نتعامل فى المستقبل مع الفلول وكيف نروضهم أو نعيد تدويرهم إن كان ذلك ممكنا أم نتخذ إجراءات أخرى صارمة، على غرار اجتثاث البعض، المهم ألا نعيش هكذا ننتظر كل يوم مفاجأة وكارثة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حبيب
حكومة شرف نايمة فى العسل
عدد الردود 0
بواسطة:
قاسم عزيز
لاتقل : لا تعلم , قل دبرت بليل