أكرم القصاص

الثورة فى القطار الخاطئ

الأحد، 31 يوليو 2011 08:52 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصبحنا مثل راكب قطار قرر السفر للإسكندرية، واكتشف بعد لحظات أنه ركب قطارا يتجه إلى الصعيد. الطبيعى أن ينزل ليغير اتجاهه، انشغل بخلافات ومعارك مع الركاب فى قطار الصعيد، تشاجر حول أولوية الجلوس ومكان وضع الحقائب ونزل فى نهاية الخط ليحرر محاضر ويرفع قضايا، ونسى أنه كان ينوى السفر للإسكندرية. وكان يجب عليه أن يعود إلى الطريق الصحيح. قصة لحكيم، تعبر عما نعيشه الآن فى مصر بعد الثورة.. ومنذ شهور نبدو جميعا كأننا نركب القطار الخاطئ، ونصر على اختراع المعارك، والخوض فيها، وكلما خرجنا من معركة وهمية دخلنا فى أخرى.

فى ميدان التحرير يوم الجمعة كان يوما مثاليا لاختراع الخلافات، والمشهد ليس وليد الجمعة، بل هو نتاج تراكمات شهور. تحول التحرير من رمز لوحدة المصريين إلى مكان للفرقة واستعراض القوة. لم تكن أبدا جمعة لم الشمل، وأعادت معركة الاستفتاء، عندما كان المصريون يزحفون إلى الاستفتاء تعبيرا عن رغبتهم فى المشاركة، وحلمهم بحياة أفضل ونظام أكثر عدالة ومساواة.. رزق مأمون حتى لو كان شحيحا، مسكن ومستشفى ومدرسة. لكن دعاة «نعم ولا»، حولوه إلى صراع بين الجنة والنار، والوطنية والخيانة وخصومات تصل إلى حد التكفير والسب والتخوين والاتهامات.

كنا نظن أننا تعلمنا من التجربة، ونسينا مرارتها، لكن المشهد ظل يتكرر بأكثر من طريقة. كان يفترض أن تكون جمعة الأمس مكانا للوحدة والتأكيد على مطالب الثورة وأهدافها، لكنها أعادت المشهد إلى المربع صفر.

جماعات تستعرض قوتها وعددها، وشعارات دينية تخفى آراء سياسية. وعلينا الاعتراف بأن متظاهرى التحرير خسروا نقاطا من أحداث البالون والعباسية، وخسر الإسلاميون ما سبق لهم وكسبوه من خطابهم العاقل المتوازن، عندما كانوا يرفعون أعلاما غريبة تشوش على العلم الذى جمع المصريين منذ 25 يناير.

الخطأ لم يكن خطأ الإسلاميين وحدهم، بل هو نتاج شهور من احتكار المتحدثين باسم الثورة لتحديد الأولويات. والتشكيك فى كل شىء، فى نتائج الاستفتاء وشعارات الدستور والانتخابات. ونقلوا الجدل من المستقبل، إلى خلاف حول الماضى. وهو نفس ما فعله الإسلاميون يوم الجمعة، وخاصة السلفيين. عندما أفقدوا الجمعة قيمتها ورسالتها التى جمعت المصريين شهورا، وخالفوا اتفاقا لتوحيد الأهداف. وفضلوا إقامة استعراض لم يتجاوز المولد دون أن يترك أثرا أو يقدم رسالة.

لم يعرفوا أن علم السعودية ليس هو علم الإسلام، وأن المملكة ليست النموذج الذى يحتاجه المصريون ولا المسلمون، بل إنهم يحتاجون إلى استعادة مصر والتوحد حول علمها، لبناء وطن للجميع يمتلكون فيه حرية التعبير وحقوق الحياة المشتركة. ومازلنا نواصل السير فى الاتجاه الخاطئ وننسى الهدف بفضل زعماء السفسطة والانتهازية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة