مع استمرار حالة الانقسام السياسى حاليا، الذى لم يعد يتصدره الخلاف حول «الانتخابات»، أم «الدستور» أولا، تحتاج مصر إلى مبادرات جادة وعملية تقودنا إلى أمل جديد.
ومن هذه المبادرات الجادة تلك التى طرحها مركز أبحاث الشرق الأوسط، الذى يقوده الباحث المرموق الدكتور عمار على حسن، وأميز ما فيها أنها لم تكن خلاصة جهد بحثى دون الالتفات إلى ميدان الناس، حيث استندت المبادرة التى انتهت إلى «الثورة أولا»، إلى مشاهدات ومتابعات واستطلاعات ميدانية أولية، أجراها المركز وخلصت إلى أن قطاعات عريضة من الشعب المصرى أصابتها خيبة الأمل، نتيجة انقسام القوى السياسية حول «خريطة طريق» المرحلة المقبلة، مع إهمال واضح لمطالب الجماهير الغفيرة التى صنعت الثورة، واستندت المبادرة إلى خلاصات لحوار مع بعض الهيئات والرموز السياسية والاجتماعية والاقتصادية، واتفق الكل على أن الاستقطاب الحالى يضرب الثورة فى مقتل، وتسهم حتى دون أن يعرف المنخرطون فيها أو يقصدون إجهاض أحلام المصريين.
حددت مبادرة «الثورة أولا» عشرة مبادئ أولية حتى نخرج من هذا النفق، أهمها: أن الثورة لن تكتمل إلا إذا حدث تغيير جذرى فى المجتمع المصرى، ولن يتم ذلك إلا بقرارات كفيلة بإنهاء التفاوت الطبقى والاستجابة لاحتياجات الفقراء من منطلق أن تحقيق الكفاية واجب.
وتتطرق المبادرة إلى القول صراحة: إنه من الخطأ أن تتكالب بعض القوى السياسية على مقاعد البرلمان، أو كرسى الحكم دون أن تتنافس على تقديم اقتراحات وتصورات وبرامج عمل ناجعة لحل المشكلات القاسية للمصريين، لاسيما الغياب الأمنى وازدياد هامش الفقر وتدنى الخدمات التى تقدم للشعب، وتؤكد المبادرة أن الوقت بات ملحًّا كى تفتح القوى السياسية حوارا بنّاءً، لوضع معايير اختيار الجمعية التأسيسية التى ستضع الدستور، والمواد الرئيسية التى لايمكن تجاوزها بأى حال من الأحوال، ومهما كان اتجاه الفريق الذى سيحصل على الأغلبية فى انتخابات البرلمان المقبلة، وذلك إذا مضت البلاد فى طريق «الانتخابات أولا».
المبادرة التى تشمل الحديث عن بناء النقابات المهنية والعمالية، وكذلك الارتكاز على الوطنية المصرية، هى ضرورة فى هذا التوقيت الذى يسود فيه الانقسام بالدرجة التى تزعزع الثقة فى الثورة.