على طريقة المثل الرومانى القديم ، كل الطرق فى مصر الآن تؤدى الى اللاديمقراطية والسطو على الثورة ، وكما عمدت الإمبراطورية الرومانية إلى ربط كل مدينة تفتحها بطريق مرصوف يصل فى نهايته لروما ، فقد عمد المجلس العسكرى إلى وضع جدول زمنى بطريقة "سلق بيض" لتنفيذ مايعتقد أنها مطالب وأهداف الثورة.
لم يهتم المجلس العسكرى وهو يرسم خارطة طريق ، ويدشن ديمقراطية مابعد الثورة بعنصر الوقت ، ففرض سيناريو متعجلا وقرر تنفيذه دون أن يدرك أن هذا السيناريو سوف يفرغ الثورة من أهدافها التى قامت من أجلها ، لم يهتم بالوسيلة بل ركز على الغاية .. الغاية مشروعة ومقبولة ، وهى دستور جديد يعبرعن إرادة الشعب وانتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة ، لكن طريق الوسيلة للأسف مفروش بالأشواك .. والأشواك التى أقصدها هى عنصرالتسرع .
لقد بدا المشهد وكأن المجلس العسكرى يريد أن ينجز استحقاقات شعبية بطريقة متعجلة وسريعة دون مراعاة أن هذا التسرع والتعجل سوف يعطى الفرصة لفصيل جاهز ومنظم وهو الإخوان ، وفصيل آخر قامت الثورة للإطاحة به وأعنى الحزب الوطنى ، المنحل ، لكى يجنيان وحدهما دون غيرهما ثمار الثورة ، بينما أصحاب الثورة الحقيقيين لن يكون لهم وجود أو تمثيل فى المشهد الديمقراطى.
أتفهم أن المجلس العسكرى يريد إنجاز ماوعد به فى مواعيده ، وليثبت أنه زاهد عن السلطة ، ولايريد أن يطيل أمد بقائه فيها .. هو صادق بالطبع فى نواياه ، لكن النتيجة أن هناك من سيقفز على الثورة ويستولى عليها للأسف بشكل شرعى ودستورى وقانونى.
من تداعيات هذا التعجل أن برلمان مابعد الثورة ، سيشهد ولادة قيصرية ، والمولود لن يكون مكتمل النضج ، وربما يكون مشوها.
وبعيدا عن الجدل الدائر حول الدستور أولا أم ثانيا ، دعونا نعترف بأن البرلمان الذى سيولد قيصريا سيشكل "الإخوان" و"الفلول المتخفية المتنكرة " الأغلبية فيه ، وبالتبعية سيشكلان الأغلبية فى اللجنة الـتأسيسية التى ستتولى صياغة الدستور، وهو مايعنى أن دستور الثورة سيصدر بطابع إسلامى أو وطنى متخفى.
الخريطة السياسية فى مصر الآن تمر بمرحلة سيولة، فهناك الأحزاب الجديدة التى يجرى تشكيلها وتسابق هى الأخرى الزمن فى محاولة للحاق بقطار الانتخابات السريع ، وسوف تجرى الانتخابات قبل أن تتمكن هذه الأحزاب من عرض برامجها على الناخبين ، بل قبل أن تضع برامجها من الأصل ، ولايمكن لحزب تشكل قبل الإنتخابات البرلمانية بأيام أن يقنع الناخبين ببرامجه أوبوجوهه الجديدة أوأن يحصل على أصواتهم.
وهناك الأحزاب الورقية القديمة والتى وصل عددها الى 25 ، وكانت تشكل - باستثناء حزبين أوثلاثة - جزءا من اللعبة السياسية فى النظام البائد ، وهذه لن يكون لها وجود ولم تعد تقنع المواطن المصرى.
وهناك كوادر الحزب الوطنى "المنحل"، وكذلك العائلات المنتمية له خصوصا فى الصعيد والريف والتى ستحصل على أصوات الناخبين ، حتى لوصدر قراربتجميد نشاط قياداته لمدة 5 سنوات ، فهناك الصف الثانى والثالث.
وهناك رابعا شباب الثورة ، وهؤلاء الذين يستحقون بالفعل قيادة مصر، إذا خاضوا الانتخابات البرلمانية ، سيحصلون فقط على أصوات النخبة ، والنخبة فى مجمل القوة التصويتية لاتمثل فى الوقت الراهن أكثر من 15%.
وهناك شعب - وهذا هو الأهم - يحتاج لسنوات قبل أن يغير مفاهيمه وقناعاته الانتخابية الراسخة والقائمة على التصويت لأشخاص لا لأحزاب أوبرامج.
برلمان ما بعد الثورة سيتشكل من أغلبية دينية ، وأكثرية من البقايا المتخفية لـ"الوطنى المنحل" وأقلية من الشباب والقوى السياسية القديمة.. بعبارة أخرى لايجب - فى ظل تعجل المجلس العسكرى - أن ننتظرمن برلمان مابعد الثورة أن يكون ممثلا لكل ألوان الطيف السياسى، فالفوز للأكثر تنظيما.
وحتى لوتم تأجيل الانتخابات البرلمانية ثلاثة أو ستة أشهر أوحتى سنة كاملة ، فهذه الفترة ليست كافية - من وجهة نظرى المتواضعة - لأن تبلوروتعرض وتسوق الأحزاب الجديدة برامجها ، ولا لأن ينجح شباب الثورة فى تقديم أنفسهم للناخبين كوجوه جديدة فى البرلمان ، وليست كافية - وهذا هو الأهم – لتغيير ثقافة ومفاهيم العملية الإنتخابية فى أذهان الشعب.
القضية الأهم من البرلمان والرئيس هى دستور مصر، فمجلس الشعب المشوه غير مكتمل النضج سوف يعاد إنتخابه بعد 5 سنوات ليصبح أكثر تعبيرا عن الخريطة السياسية والحزبية فى مصر، أما إذا وضع الدستور هو الآخر بطريقة قيصرية أو جاء معبرا عن فصيل أوتيار واحد يهيمن على مجلس الشعب ، فتلك هى الطامة الكبرى ذلك أن ثورة أخرى لن تقوم حتى تغيره.
ليس مهما من سيكون رئيس مصر خلال ال4 سنوات المقبلة ، فالدستور هو الذى يصنع من الرئيس فرعونا، وهو نفسه الذى يجعله خادما للشعب.. المهم أن يكون دستور مصر الحرة الجديد معبرا عن طموحات وآمال هذا الشعب العظيم فى الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية وحقوق الإنسان.
انتظروا المولود الحقيقى للثورة فى برلمان 2016 .
عدد الردود 0
بواسطة:
AMEEN
برلمان نقول طور يقولو احلبوه
عدد الردود 0
بواسطة:
امين
نسيت حاجه
عدد الردود 0
بواسطة:
motaz
ماشى
يبقى الحل عودة حسنى والله كتاب أخر زمن
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام خليل
ثمار الثورة