فى تعقيبه على ما حدث فى «ميدان التحرير» منذ بضعة أيام قال الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء: إن هناك خطة منظمة ومدبرة لإشاعة الفوضى فى مصر. وذهب فى الاتجاه نفسه، وإن سبقه زمنيا، الدكتور عماد أبو غازى وزير الثقافة الذى وصف ما جرى فى مسرح البالون بأنه «معد مسبقا ومرتب له». ومنذ ما يقرب من شهر صرح المستشار عبدالعزيز الجندى وزير العدل تصريحات نارية عن الثورة المضادة، متهما إسرائيل بأنها تقف وراء مشروع «الفوضى» فى مصر.
وبرغم من التأكيد على وجود مشروع للفوضى، لم نر أشخاصا متهمين بالضلوع فى هذا المشروع، ولا محاكمات تجرى لقطع دابر أنصار الفوضى ودعاتها. لا أريد أن أذهب فى وصف ما يجرى على طريقة الأشقاء اللبنانيين «حكى فاضى»، استهلاك محلى لا أكثر فى مجتمع مسكون بفكر المؤامرة.
الحديث عن البلطجية أصبح أهم من الحديث عن المستقبل السياسى فى مصر. ما بين اتهامات لوزارة الداخلية التى تمتلك زمام ملفات البلطجية واعتادت إدارتهم فى النظام السابق ضد خصوم النظام السياسيين، وبين اتهامات أخرى بأنهم يقودون ثورة مضادة بتحريك من عناصر النظام السابق التى تشعر بأنها مستهدفة، أو قرب السيف من رأسها. وفى كل الأحوال لم يجب لنا أحد عن سؤال رئيسى من يحرك هؤلاء البلطجية؟ من يدفع لهم؟ من يجعلهم إلى الآن طلقاء سرحاء؟
المسألة معقدة، لا هى فلول الحزب الوطنى، ولا الثورة المضادة، والتى لا نعرف من يحركها، ومن هم العناصر الأساسية فيها، ولم يقدم يوما طرف إلى المحاكمة بتهمة تحريك الثورة المضادة. القضية باختصار أن المجتمع يحتاج إلى حكومة غير تلك الموجودة الآن. حكومة يرأسها رجل دولة قوى مؤمن بمشروع نهضوى، ويلتمس من الوسائل التى تمكنه من تحقيقه، وإلى جواره وزراء قادرون على اتخاذ القرارات فى مجالات مختلفة. وإذا لم تعرف مصر حكومة قوية، ليس بمعنى الجبروت ولكن بمعنى الانضباط والإنجاز، فإن المستقبل غير مأمون الجانب، وقد نجد أنفسنا مثل باكستان، دولة فاشلة سياسيا واقتصاديا، مرتع للتطرف الإسلامى والهيمنة الإمريكية فى آن واحد.
ما نسمعه ونراه بأم أعيننا كل يوم يشير إلى أن الحكومة، ووزراءها فى حالة أزمة. تقدم الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء باستقالته فقبلها رئيس الوزراء، ورفضها المجلس العسكرى. وطالب الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء بتغيير أحد عشرة وزيرا فى وزارته، خفض الرقم إلى ستة وزراء فقط فرفض المجلس العسكرى.
لماذا لا يستقيل الدكتور عصام شرف نفسه؟ قطاع عريض يطالبه بالاستقالة، و«الكروت» الصفراء فى ميدان التحرير تلاحقه، وإذا تراكم «كارت أصفر» على آخر يكون «الكارت الأحمر» واجبا كرويا. مشاهد المعتصمين أمام ماسبيرو ملفتة لا تجد أحدا يتحدث إليهم، والأمن الذى لم يعد إلى الشوارع كما كان متصورا، أو متوقعا، أو مبشرا به، وحين ذهب المئات للتظاهر فى ميدان «التحرير» فوجئوا بالقنابل المسيلة للدموع، وجنود الأمن المركزى، وكأن حبيب العادلى خرج من محبسه فى طرة لإدارة المشهد. وسمعنا بيانات وزارة الداخلية التى لا معنى لها.
القضية ليست فى الملف الأمنى وحده، أو الملف الاقتصادى الذى يرى رئيس الوزراء أنه يتقدم ولكن من الأكثر سوءا إلى الأسوأ ثم إلى سيئ، أى أن التقدم يكون فى المربع السالب وهو نقص معدل التآكل فى الاحتياطى النقدى بالدولار. المشكلة الحقيقية فى حكومة عصام شرف التى قررت أن تكون «حكومة إنقاذ وطنى» بدلا من حكومة «تسيير أعمال» أنها تمضى بلا رؤية، ولا توجد لديها تصورات يمكن النقاش حولها فى تطوير الاقتصاد، والأمن، والتعليم، والصحة، والإعلام، الخ. باختصار حكومة تسير «على قديمه» إن صح التعبير.
لا نريد أن نكون قاسين على الدكتور عصام شرف، الذى لا أحد يشك فى نواياه المخلصة، ولكن المرحلة تحتاج شخصا آخر.
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
مطلوب الحذر والوعى خاصه بعد احداث السودان الاخيره
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
بيبرس
مصر مستهدفه من مصريين 2011