ناجح إبراهيم

الثوابت والمتغيرات بين صلابة الحديد ومرونة الحرير

الثلاثاء، 05 يوليو 2011 04:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحدثت فى مقال سابق عن الثوابت والمتغيرات فى الإسلام، وكلاهما من أسرار خلود الشريعة الإسلامية، وقد ناشدنى بعض المعلقين أن أضرب أمثلة كثيرة لثوابت الإسلام ومتغيراته، ومن أجل ذلك كتبت هذا المقال.. لقد تأملت طويلا فى الشريعة الإسلامية الغراء، فوجدت أن معظم ثوابت الإسلام تنحصر فى العقائد والعبادات والأركان والغايات والمقاصد، لأنها لا تتغير من وقت لآخر، وكذلك معظم القضايا الاجتماعية التى تختص بالإنسان نفسه تعد من الثوابت لأن الإنسان لا يتغير. أما المسائل السياسية والاقتصادية والإدارية والحياتية فأكثرها من المتغيرات.. وقليل منها ما يقع فى بند الثوابت. فالزواج مثلا هو المؤسسة الوحيدة للعلاقة المشروعة بين الرجل والمرأة، وهى من ثوابت الإسلام والأديان جميعا، وحرمة الزنا بجميع مقدماته وتوابعه من ثوابت المحرمات، ويلحق بها اللواط والسحاق وما شابههما.
وقوامة الرجل على أسرته قوامة مسؤولية وتكليف هى من الثوابت الاجتماعية، فإذا فسد أو أفسد فى هذه الولاية نزعت عنه الولاية كغيره من أرباب الولايات. والطلاق هو حق الزوج الأصيل من الثوابت، ولا يملكه القاضى إلا فى حالة النزاع والشقاق واللجوء إليه.. ولذا فإنه لا يجوز أن يأتى قانون مدنى يستلب هذا الحق الأصيل من الزوج ويعطيه للقاضى مثلما حدث فى تونس أيام بن على، الذى جعل الطلاق بيد القاضى وحده، ناسيا أن الإسلام كرم الأسرة المسلمة واهتم باستقلالها الكامل عن الدولة. ومن ثوابت الإسلام حرية أهل الأديان الأخرى فى بلاد المسلمين فى الاحتكام إلى قوانينهم الخاصة فى مسائل الأحوال الشخصية، لأنها مما يختص بدينهم وقد أقر الإسلام بحريتهم الدينية والعقائدية، وتركهم وما يعتقدون، تطبيقا لقوله تعالى «لا إكراه فى الدين» و«لست عليهم بمسيطر» و«فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» وهذه الأحكام جزء من دينهم. أما الشأن الاقتصادى، فالثوابت فيه قليلة، وكلها عبارة عن قواعد ومحددات عامة للاقتصاد دون التدخل فى شكل الاقتصاد وأساليبه وطرق إدارته، ومن أهم الثوابت الاقتصادية، حرمة الربا والغش والتدليس والاحتكار والغرر والإقرار بالملكية الفردية التى تأتى بطرق مشروعة، مهما كان حجمها. فالإسلام لا يمنع شكلا محددا من أشكال الإدارة الاقتصادية مثل البنوك أو البورصة أو شركات التأمين التعاونى وغيرها، شريطة أن تخلو من الربا والغرر والتدليس والغش وأكل أموال الناس بالباطل. فالأشكال والأساليب والمؤسسات الاقتصادية هى من المتغيرات وليست من الثوابت. ومن الثوابت أيضا فرضية الزكاة على المسلمين، ولها مصارف ثمانية مشهورة تعد من الثوابت أيضا. أما تفاصيل هذه المصارف الثمانية ودخول أشكال وأنماط جديدة فيها، فهذا من المتغيرات مثل دفع أموال الزكاة فى أماكن النكبات والكوارث، أو على مستشفيات السرطان مثلا أو على دور الأيتام فهذا من المتغيرات، لأنه خاضع للاجتهاد. ومن الثوابت توقير الصحابة رضوان الله عليهم وتبجيلهم وعدم الطعن فيهم، أما أن يظهروا فى الأفلام والمسلسلات التاريخية فهذا من المتغيرات التى تختلف الفتوى فيها باختلاف الزمان وظروف هذا المسلسل التى تحيط به، وهل يحفظ المسلسل هذا الثابت أم يخل به. ومن الثوابت إقامة العدل الاجتماعى بمفهومه الواسع دون تأميم لأموال المسلمين وغير المسلمين مهما كثرت أموالهم.. ماداموا قد حصلوها من طريق مشروعة. ومن الثوابت العدل فى الحكم بين الناس عند التقاضى، فلا يحابى مسلما على غير مسلم ولا شريفا على وضيع. ومن المتغيرات أن يكون التقاضى على درجات، بعد أن كان فى أول الإسلام على درجة واحدة، وأن يكون هناك جهاز للادعاء العام «النيابة العامة»، وهذا لم يكن موجودا فى القرون الأولى للإسلام.








مشاركة

التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

emad

مشكله من يحتكرون تمثيل الأسلام أنهم لا يجيدوا الأستماع

عدد الردود 0

بواسطة:

سمر محمد

أحسنت

مقال أكثر من رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

الدكتور المحترم

صح لسانك ياشيخ وبارك الله فيك وثبتك الله

عدد الردود 0

بواسطة:

زيزو

ربنا يبارك فيك

الله يكرمك يا مولانا

مقال أكثر من رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

رائع

احسنت فى اختيار و عرض الموضوع

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة