عادل السنهورى

أحكام البراءة وقيمة العدالة

الخميس، 07 يوليو 2011 08:24 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الرأى العام فى معظمه قد يكون أصيب بصدمة أو دهشة من أحكام محكمة جنايات القاهرة الأخير، بتبرئة أنس الفقى وزير الإعلام السابق، ويوسف بطرس غالى وزير المالية السابق، من تهمة إهدار المال العام فى الدعاية للحزب الوطنى المنحل، علاوة على تبرئة أحمد المغربى، وزير الإسكان السابق، فى قضية أراضى مؤسسة أخبار اليوم.

الصدمة تزايدت أيضا لأن الأحكام جاءت بعد يوم واحد من إخلاء سبيل الضباط المتهمين فى قتل ثوار السويس.

هناك حالة من عدم الرضاء والاقتناع من الأحكام الصادرة، لأنها صدرت بالمخالفة للمزاج العام المسيطر على الناس منذ ثورة 25 يناير، والرغبة فى القصاص من رموز النظام السابق بغض النظر عن طبيعة القضايا التى يحاكم فيها وزراء ومسؤولو نظام مبارك، وهى فى معظمها قضايا غير جنائية، وبغض النظر أيضا عن الأمور الإجرائية والفنية فى مسألة التقاضى أمام المحاكم المدنية العادية.

الأحكام الصادرة لو جاءت فى وقت طبيعى، وليس فى ظرف استثنائى مثل الذى نعيشه الآن، لتقبلها الجميع، وحدث ذلك فى عدد من القضايا الكبيرة، مثل قضية الصناعة الكبرى التى حصل فيها المتهمون على البراءة بعد سنوات من التقاضى.

استقلال القضاء وعدالة المحاكمات ورفض المحاكم الاستثنائية، هى من بين المطالب الضرورية التى طالبت بها ثورة يناير، وقامت من أجلها، ولذلك إذا وضعنا الأحكام الصادرة يوم الثلاثاء الماضى بتبرئة عدد من «رجال مبارك» على ميزان مطالب الثورة، فإن قاضى محكمة جنايات القاهرة قد أصدر أحكاما تعكس التطبيق الفعلى لهذه المطالب، وفقا للأوراق المقدمة وإجراءات التقاضى، ودون التعرض لضغوط الرأى العام الثورى الذى لا يريد ما يخالف رغبته فى الانتقام من كل رموز نظام مبارك.

حالة الشحن للرأى العام مهّدت لعدم قبول أى حكم قضائى لا يوجه الإدانة لوزراء ومسؤولين من النظام الفاسد، مع التهاب المشاعر التى تطالب بمحاكم ثورية استثنائية.

إذا كانت الثورة قامت من أجل بناء دولة ديمقراطية قائمة على القانون وسلامة القضاء والعدل، فعلينا القبول بالأحكام التى تعبر عن نزاهة الضمير، والاستقلال المهنى للقضاء المصرى، وخطوة مهمة- رغم مراراتها للرأى العام- فى طريق بناء دولة العدل والقانون، وإلا فإن البديل هو المحاكم الاستثنائية والعسكرية التى رفضناها فى السابق، وارتكب بسببها كثير من الجرائم القانونية. وليس المهم أن نخسر قضية أو قضايا، لكن المهم هو الحفاظ على قيمة العدالة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة