يطرح كثير من المراقبين أو المهتمين بتفاصيل الحياة فى مصر الآن، كثيرا من التساؤلات حول المزاج العام للشعب المصرى، ويصل كثير منهم إلى نتيجة يعلنها ببساطة، وهى أن مزاج المصريين الآن مزاج سياسى، وأن هذا بالتبعية مزاج يخاصم الفن، ويستدلون على ذلك بالإيرادات المتدنية لأفلام السينما برغم بدء الموسم الصيفى الذى يُعد الموسم الأكبر للعرض السينمائى.
ويتأكد لدى أصحاب هذا الرأى صواب رأيهم بسبب إحجام منتجى السينما عن طرح أفلامهم فى موسم كان الكل فيما سبق يتقاتل للعرض فيه، إضافة للإحجام عموما عن الإنتاج أصلاً.
ومع التسليم بأن بعضاً مما يقولون يجانبه الصواب إلا أن أغلبه رأى مبنى على استسهال.
فالناس والجمهور بالفعل بسبب ضغط الأحداث السياسية تشعر بأن الحدث اليومى السياسى غير المفهوم أو المتوقع هو الأكثر إثارة ومدعاة للقلق من أى أحداث أخرى، إضافة إلى أن المنتجين بالفعل محجمون عن الإنتاج، لأنهم أصحاب رؤوس أموال، وكما يقول أهل الاقتصاد إن رأس المال جبان.
ولكن ما غاب عن هؤلاء الذين يتحدثون عن المزاج العام وعزوفه عن مشاهدة الأفلام، هو أن المعروض الآن من الأفلام السينمائية المصرية لو عُرض فى أى موسم آخر وظرف آخر ما كانت تستطيع أن تأتى بإيرادات أكثر مما أتت به بالفعل.
منذ بدء الموسم السينمائى الصيفى بعرض فيلم الفاجومى تم حتى الآن عرض 9 أفلام هى صرخة نملة، وسامى أكسيد الكربون، وإى يو سى، والمركب، والفيل فى المنديل، وفكك منى، والحاوى، ثم أخيراً إذاعة حب.
ثلاثة أفلام من بين هذه الأفلام لعبت بصورة أو أخرى على وتر الثورة، لأن ظروف تصويرها كانت أثناء اندلاع أحداث يناير، ورغم عزف الجمهور عنها رغم تماشيها مع المزاج العام الذى يتحدثون عنه.
هذه الأفلام لعبت على وتر الثورة، ولكن لعب عن لعب يفرق كتير... «الفاجومى» انتهى بمشاهد من الثورة فى ميدان التحرير، ولكنك كمشاهد لا ترفضها لأنها متناغمة مع أحداث حياة شاعر عاش دائما ثائرا ومعارضا، ورغم ذلك لم ينجح الفيلم حتى كونه يتماشى مع المزاج العام الثائر.
فيلم «صرخة نملة» لعب أيضا على مشاعر الثورة وأحداثها، لكنه كان لعبا كاذبا غير مكتمل، حيث بدا أن كاتب السيناريو حين فاجأته الأحداث مسك الورق وغير فى الأحداث بشكل مفاجئ وغير مرتب.
وليته ما فعل، فقد تعامل مع الفيلم وكأنه توك شو ليلى مطلوب منه سرد أحداث طازجة، وهو خطأ فادح، لأن السينما تختلف تماما عن منطق برامج المساء والسهرة.
فيلم «سامى أكسيد الكربون» أيضا تم تصوير جزء منه بعد الثورة فلعب عليها أو بتعبير أدق لعب بها، وبعبارات تناقلها الناس فى هذا التوقيت مثل الشعب يريد أو حكايات ونكت وإفيهات لازمت الأحداث مؤخرا، وكان لعبا فجا سخيفا، ورغم هذا يتصدر هذا الفيلم إيرادات الموسم، حتى ولو لم تكن فى أفضل حالاتها، ولكنها عموما فى مستوى إيرادات أفلام هانى رمزى عموما.
إن تدنى إيرادات السينما بالتأكيد ليس عيبا من المزاج العام، ولكنه عيب من صناع السينما، بدليل أنه حتى الأفلام التى داعبت ما ظنوا أنه يتماشى مع المزاج العام الثورى لم تنجح، بل أن أكثرها نجاحا كان أكثرها هيافة بل أكثرهم سخريةً من الأوضاع الثورية.
فهل يدفع هذا الرأى هؤلاء الذين يتحدثون عن المزاج العام الفنى للشعب إلى إعادة التفكير أم أنهم يفضلون كغيرهم الحديث باسم شعب غائب؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Emad
أكتب أليكي من أستراليا- أحترمك كثيرا يا حنان
عدد الردود 0
بواسطة:
علا
نضج المجتمعات
عدد الردود 0
بواسطة:
هالة
إتقوا الله فينا وفى أولادنا يا صناع السينيما .
عدد الردود 0
بواسطة:
م/ امين الزلباني
الدين النصيحة
عدد الردود 0
بواسطة:
ممادو
انتي هايله جدا يا استاذه حنان
عدد الردود 0
بواسطة:
Emad
أنا منبهر من حاله الحوار المتحضر