أكرم القصاص

الدولة والثورة

الأربعاء، 10 أغسطس 2011 08:23 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لن يجدى كثيرا الجدل الذى يصنعه من يسمون أنفسهم أنصار مبارك، وبين ما تريده مصر فى المستقبل. لا مانع من أن يشعر بعضهم بالحزن أو التعاطف مع الرئيس، لكن عليهم أن يعلموا أيضا أن المستقبل يهم كل من يعيش على أرض مصر، ويخطئ من يتصور إمكانية أن تعود الأوضاع إلى الوراء.

الخوف ليس من عودة النظام السابق، ولكن من الفشل فى بناء النظام الذى نريده جميعا، أن تكون مصر دولة مزدهرة لكل مواطنيها، توفر لهم الفرص المتكافئة والمساواة والعدل والحرية. أهداف ليست بسيطة، وتحتاج إلى جهد وإخلاص أكثر مما تحتاج إلى حناجر وصراخ ومعارك وهمية.

العلاقة بين الدولة والثورة أكبر من مجرد كلام عام، لأنها تتعلق بشكل الدولة التى يريدها المصريون، وليس التى يريدها فصيل هنا أو هناك، وما إذا كانت ستأتى مختلفة تماما عما كان قائما طوال عقود، أم أنها ستكون تكرارا لما كان بشكل مختلف.

لم يكن الهدف أبدا هو إزالة أشخاص، ووضع أشخاص آخرين مكانهم، لكن الهدف هو بناء نظام دائم يسمح للمواطنين بالمشاركة والرقابة على أداء حكوماتهم، وامتلاك القدرة على تقييمهم، والإطاحة بهم إذا فشلوا فى تحديد الأهداف. وللأسف هذه الأهداف تبدو غائمة فى عقول وكتابات وصرخات «المستثورون الجدد»، الذين لا يتوقفون عن الكلام واللت والعجن حول مايريدونه هم، وليس ما تريده مصر والمصريون.

الحديث عن الثورة غالبا يأتى عاما، يضع أهدافا، بعضها مثالى والآخر ممكن، وفى تجارب الدول التى قامت فيها ثورات كانت الدولة أحيانا مختلفة عما رسمته وطالبت به الثورة، ولا يمكن أن تظل الثورة قائمة طوال الوقت، وسيأتى وقت ما لتتوقف الثورة وتبدأ عملية البناء. والقلق الذى يشغل البعض الآن، أن الثورة لم تكتمل، وهو قلق مشروع وطبيعى طالما لم تستقر مؤسسات تشريعية وتنفيذية يمكن محاسبتها على النتائج، كما أن هذه المؤسسات هل ستأتى معبرة عن الشعب أم عن قطاعات أو تيارات دون أخرى؟.
كل ماحدث حتى الآن أن الجزء الأعلى من النظام هو الذى سقط، وتحديدا مبارك، لكن الدولة ماتزال قائمة بمؤسساتها، وجيشها، وشرطتها، وأجهزتها التنفيذية.

وهناك أهمية للاتفاق أو الدخول فى جدل حول أهداف المرحلة القادمة، وليس فقط الانشغال بالفرجة على محاكمات للنظام السابق، فهذه المحاكمات لم تكن الهدف، لكن طالما جاءت يفترض أن تكشف عن أخطاء أو خطايا نحتاج إلى ألا نكررها فى المستقبل. نحتاج نظاما نشارك جميعا فى صنعه، بحيث لايمكن لأى فرد أو جماعة أن تحتكر السياسة والقرار، وتبقى الأغلبية معزولة. الثورة تحتاج إلى تجنيد الأغلبية، من أجل بناء الدولة التى هى للجميع.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة