مجدى أحمد على

عن الهوية

الأربعاء، 10 أغسطس 2011 04:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
.. وهى التى زعم بعض حشود السلفيين أنهم نزلوا للبحث عنها أو تأكيدها.. هوية لبلد يمتلك آلاف السنين من الحضارة، قال عنها الجميع إنها أم الحضارات وفجر الضمير الإنسانى.. أضاءت مشاعل الحق وسط ظلمات الهمجية، وفجرت نور العلم لتنتشل الإنسانية كلها من وحل الجهل والتخلف.

لن يبتلع هذا الشعب -شديد الفخر بمصريته- طُعم هذا الابتزاز باسم دين أنار القلوب ومازال يبعث هداه للدنيا كلها.. نحن نحيا فى بلد يدين معظمه بالإسلام.. قبلنا به واخترناه ولم يكن مجرد خانة فى بطاقة «يورث»، وأحببناه دينا ينفذ إلى القلب ويصدقه العقل.. لا إكراه فيه.. من شاء آمن، ومن شاء فالدين فى غنى عنه، هذا اختيار كامل حر لا جبر فيه ولا إجبار ولا تجهم ولا غوغائية ولا تفاخر مقيت، ولا استئثار بغيض.

ولدنا فى مصر العظيمة فحملنا هويتها الخالدة.. منبع الروح الهادرة القادرة على البناء، قبل الأديان السماوية ابتدعت التوحيد، واحتفلت بالإنسان روح الوجود، ونظمت -بالعلم- حركة النهر لكى تنهض اليد الحرة لتبنى على ضفافه أعظم حضارات الكون.. لم تكن هذه حضارة استعباد كما يدعى مدمنو الجهل وسدنة التخلف، إن فصاحة الفلاح المصرى القديم وهو يشكو الظلم إلى أميره تشى بزمن تتصل فيه الفراعين بشعبها، تحبه وتقدره، وتبنى معه وبه، الفراعنة ليسوا كفارا ولا طغاة إلا فى عين البدو أصحاب «حضارة» السطو على القبائل واستباحة نسائهم وأطفالهم، والذين لم يأتوا للإنسانية إلا «بحضارة» شفوية لا تتجاوز بلاغة القول إلى روعة الفعل والإنجاز.

كيف يمكننا أن نسقط هذا الجزء المتألق من تاريخنا؟ كيف يمكن أن ننسى شهداءنا من الأقباط، أحبة المسيح الذين زرعوا فى هذه التربة حب الإله وخضبت دماء شهدائهم أرض الوطن.. المصرى يفخر بهويته التى تكامل فيها تاريخه مع ثقافته الهائلة التنوع والتى استطاعت أن تقهر كل أعدائها وتعيد «تمثيل» ثقافتهم الوافدة فى وعاء حضارى شامل يعيد رسم التفاصيل لكى يظل الوجه خالدا.. وجه مصر..

مصر الفرعونية والقبطية والإسلامية.. هى هويتنا التى لا نقدر على تجاهلها لأنها تسكن جينات كل من أحبها وطنا للأحرار.

إن حشد بضعة ألوف على بضعة أفكار ساذجة لن يغير التاريخ ولا يبدل الجغرافيا.. الحر هو من يختار.. والاختيار يكون بين بدائل متاحة وعلى قاعدة من علم بما تختار.. أما شحن المركبات بسليمى النية الذين لا يصمد أيهم لمناقشة تتجاوز دقيقة واحدة، فلن يؤدى إلا إلى خراب أكيد.. إن عشرات العالمين بالحقيقة والذين لا يدعون احتكارها.. والمنفتحين على الدنيا من حولهم «أبرك» ألف مرة مما تعدون.. لقد أفسد هؤلاء الحفل على من كان يريد الاستقواء على المجتمع كله فرفعوا أعلام دول لا يحبها المصريون إلا لأن بيت الله فيها وقبر رسوله الكريم، وارتفعت صور قتلة الأطفال تحت المصحف الشريف، وانتزع النسر من علم الوطن مفسحا فراغه لشعارات دينية، وتم الجهر بما تم الاتفاق على كتمانه وهو العداء للديمقراطية عبر استبعاد كل شركاء الوطن وتجاهلهم وخيانة الاتفاقات معهم، الديمقراطية التى لم تغادر أدبياتهم باعتبارها شركا بالله يحلو لهم استخدامها مظلة للقفز على حكم مصر المندفعة إلى دنيا الحداثة، لكى تلحق بمكان يليق بها فى دنيا لا تعرف سوى العلم وسيادة القانون الذى يضعه البشر العارفون بأحوال زمانهم والمستخلفون فى أرض الله.. يطلبون المصالح على النصوص ويستهلمون روح كل الأديان والحضارات والثقافات لصياغة حياة تليق بهم وبأبنائهم وأحفاد أحفادهم..

«ارفع راسك فوق أنت مصرى» سنظل نرددها.. مسلمين وأقباطا وحتى يهودا.. الدين لا يتناقض مع وجودى وهويتى على الأرض التى ولدت عليها وفيها أموت.. دينى يدفعنى أكثر لحب وطنى الذى منحنى شرف الاختيار الحر بين الأديان والأفكار والرؤى والثقافات فأصبح لهذا التدين معنى.. إنه ليس تدين البطاقة ولا الميلاد ولا «كما وجدنا آباءنا».

الجهلة لا يكلَّفون.. لا مناط لتكليفهم كالمعاق عقليا.. المكلف فقط هو الحر الذى اختار بكامل حريته.. لم تدفعه جماعة ولم تسقه عصا الخوف والتقليد الأعمى.. الذى قرأ وتمعن وقارن وعانى لكى يصل إلى الحقيقة.. وهذا هو ما لم أشاهده إلا قليلا فى جمعة الحقيقة «الحزينة».
هامش خارج الموضوع:

سؤال ساذج: الآن وقد «تحرر» ميدان التحرير من الثوار والبلطجية والباعة الجائلين وأهالى الشهداء.. إلخ.. لماذا لم تتحسن أرزاق الناس؟ لماذا لم يتحسن المرور؟ لماذا تمتلئ شوارع مصر بالقاذورات ومخلفات البناء؟ لماذا تحول وسط المدينة إلى سوق العتبة؟ لماذا لا نرى أفاضل الشرطة فى القاهرة.. لا مرافق.. ولا مرور.. ولا جنائى... ولا أى شىء؟

مرة أخرى.. هل هناك نظام يحترم نفسه يترك تمردا صامتا ومستمرا لقوات الشرطة منذ ستة شهور؟ هل هذا تمهيد لانقلاب قادم؟ هل يراد لنا أن نترحم على أيام مبارك؟.. لن نفعل أبدا.. على الدولة أن تصبح دولة.. دولة.. أظن «التحرير» مالوش دعوة بالموضوع ده.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة