التقى أحمد طلعت بالسادات أول مرة عام 1953، بعد أن أنهى دراسته، كانت خبرة الرئيس الأسبق «المحدودة» بالصحافة (بعد فصله من الجيش فى أعقاب اتهامه باغتيال أمين عثمان) كافية لترشيحه للإشراف على إصدار «الجمهورية» وإدارة سياستها وكتابة مقالاتها الافتتاحية، وللعمل - فى الجريدة الجديدة كان لابد من وجود طريق إلى السادات، وكان سعد زايد صديق السادات ووزير الإسكان فيما بعد طريق طلعت للعمل، الذى عين على الفور بقسم الأخبار، تولى فى البداية تغطية أخبار اللجنة العليا للإصلاح الزراعى، ثم كلف بعد ذلك بتغطية أخبار مجلس الوزراء، وكان محمد نجيب وقتها رئيسا للجمهورية ولمجلس الوزراء، وكان شغوفا بالإدلاء بالتصريحات الصحفية، وكان طلعت ينقل حرفيا ما يصدر عن نجيب، وجاءت أزمة مارس 1954 الشهيرة المتعلقة بالديمقراطية لتلقى بظلالها على الجريدة، استدعى السادات (الذى كان يعمل ليلاً) طلعت فى مكتبه، وبعد أن فرغ من أكل المشويات أمامه قال له «الراجل نجيب ده راجل «خرفان» بيحب كثرة الكلام.. من هنا ورايح سيبك منه ولا تنشر من تصريحاته شيئاً»، وقال له أحمد طلعت: «حاضر يا أفندم»، وبعد تسوية الأزمة بين أعضاء مجلس قيادة الثورة، والاتفاق على أن يقتصر دور نجيب على رئاسة الجمهورية، فى حين يتولى ناصر رئاسة مجلس الوزراء، ذهب نجيب لتهنئة عبدالناصر أثناء أول اجتماع لمجلس الوزراء، وخلفه الصحفيون كالعادة، كان عبدالناصر على رأس المائدة ووراءه مرآة كبيرة تعكس الأضواء الكثيفة التى تنطلق من الكاميرات، وتقدم نجيب وصافحه، وقال له: «مبروك يا عم جمال»، بعد الزيارة تحدث إلى الصحفيين فى شرفة المبنى، والتزم المحرر الشاب بما أمره السادات، ولم ينشر حرفاً واحداً، فى اليوم التالى تم استدعاء طلعت، وقال له السادات - الذى كان يجلس لأول مرة خلف مكتبه - «ما هذا الذى فعلته؟ لقد سببت لنا حرجاً شديداً فى مجلس قيادة الثورة، لقد اتصل نجيب بجمال، وكان غاضبا لأن الجمهورية لم تنشر تصريحاته أمس»، وقال له: «أنت مفصول». سافر طلعت بعد فصله إلى فرنسا والتحق بمعهد العلوم السياسية بجامعة باريس للحصول على دبلوم الدراسات الأفريقية، وبعد عودته تقدم للعمل بجامعة الدول العربية وعين «ملحق ثان»، ولكن سكرتير منظمة المؤتمر الإسلامى أنور السادت استدعاه فى مكتبه وتعرف على ما درسه وما يحمله من كتب وخرائط، وقال له: لقد عينتك وكيلا لإدارة الاستعلامات، التى تتولى جمع البيانات عن المسلمين فى العالم، وقبل أن يكمل بعد «ولكن..» قال له السادات اعتبر نفسك مدير الإدارة لأن مديرها (علوى حافظ) مشغول بأشياء أخرى. بعد أسابيع تعرضت مصر للعدوان الثلاثى، وفى تلك الأيام المعتمة وضعت السيدة جيهان السادات «جمال»، وكان الأب شديد التشوق لمولود ذكر، بعد وقف إطلاق النار تم إرسال طلعت مبعوثاً خاصاً للسادات إلى الأردن وسوريا ولبنان والكويت، لإطلاع المسؤولين هناك على تفاصيل العدوان وآثاره، وطلب فوزى عبدالحافظ (سكرتير السادات) منه لبن أطفال اسمه «إس إم إيه» لجمال، وأن يعطيه للسفير المصرى فى بيروت ليرسله فى الحقيبة الدبلوماسية، وقام الرجل بالمهمة على خير وجه، وأعطاه نائب حاكم الكويت (التى لم تكن استقلت بعد) شيكا بـ50 ألف استرلينى باسم السادات لمساعدة أسر شهداء بورسعيد. بعد العودة اكتشف طلعت - إن السادات كان غاضباً منه جداً، لأنه أرسل علبتين فقط من لبن الأطفال - تزوج طلعت من الصحفية «م»، وقامت - بدون علمه - بإجراء حوار «مع الثائر الأسمر فى بيته «كان فيه» وكان يرتدى قميصاً ترك بعض أزراره مفتوحة فظهر شعر صدره»، وخيرها بين سحب الموضوع - أو الطلاق وكانت عنده أسبابه، وبعد التحقيق معه فى العمل فى موضوع لا علاقة له بالعمل تم وقفه عن العمل، ومحاصرته خارجه واعتقاله بتهمة سب السادات وبعد الإفراج عنه منع من السفر ومن العمل حتى كسائق أتوبيس، هذه بعض حكايات المستشار القانونى أحمد طلعت فى كتابه الجميل والرشيق «السادات وحكايات أخرى» الذى صدر مؤخراً، والطريف أن السادات كان شاهدا على عقد قران المؤلف من زوجته الثانية.