بعد مرور أول دقيقة على عملية «مضغ اللبانة» يذهب طعم السكر ويتبقى ما توفره من حركات مطاطية داخل الفم، ولكنها حركات بلا طعم..
«مليونيات» ميدان التحرير هى الأخرى بدأت تفقد طعمها ومعناها، بسبب تكرار مضغها من فم إلى فم، والخوف كل الخوف أن يتسبب استمرار الدعوات الساذجة إلى مليونيات بلا هدف -فى خسارة المواطن المصرى لسلاحه وحصنه الأخير الذى يستخدمه وقت اللزوم فى الضغط على المجلس العسكرى والحكومة ويحتمى ويحمى ثورته فى داخله.
لا شىء آخر غير خسارة سلاح التظاهر، وتأثير ميدان التحرير يمكن حصاده من خلف تلك الدعوات «الهطلة» وغير الهادفة لمليونيات لا مبرر لها سوى أن تيار سياسى يريد أن يرد على آخر نجح فى تعبئة الميدان بالبشر، وكأن عملية التظاهر تحولت إلى منافسة بين شركتى حلاوة طحينية كل منهما تسعى لأن تقدم للجمهور علبة أكثر ضخامة وامتلاء عن الأخرى، بغض النظر عن الجودة، وما قد يحصل عليه من فائدة.
البداية المؤسفة لدعوة مليونية «فى حب مصر» والنهاية الأكثر أسفاً عليها، تقول بذلك.. بأننا بدأنا أولى خطوات السير فى طرق الاستهبال والهتاف فى الفاضى والمليان، وتقول أيضاً إن المصريين لن يستجيبوا لدعوة تظاهر ذات منبت شيطانى، لا هدف ولا أصل لها، ولن يخرجوا إلى ميدان التحرير للمشاركة فى دعوة تظاهر لا تجيب لهم عن أسئلة: من أجل أى شىء نتظاهر؟ وما هى الخطوات؟ وما هو الهدف؟
الصورة الهزيلة التى خرجت عليها مليونية جمعة «فى حب مصر» تؤكد ذلك، والملامح الغاضبة والمتأففة للمصريين الذين ألقاهم حظهم العثر فى قلب ميدان التحرير لحظة محاولة البعض اقتحام حديقة الميدان، أو ما يعرف «بالصينية الدائرية» تؤكد أنه لا الصوفيون ولا الإسلاميون ولا الليبراليون أو اليساريون قادرين على حشد الناس دون أن يقدموا أسباباً واضحة للتظاهر، لأن الحشد والتعبئة بدون سبب يدخل فى عرف المصريين تحت بند أفعال «قلة الأدب».. مثله مثل الضحك تماماً.
الكلام الذى ينطبق على مليونية «فى حب مصر» ينطبق أيضاً على الدعوة التى أطلقتها بعض القوى السياسية مثل «الجمعية الوطنية للتغيير» و«6 أبريل» بخصوص التظاهر فى جمعة 19 أغسطس الجارى، وهى دعوة لم تحدد سببا للتظاهر، ولكنها أوحت للناس فى الشوارع أن القوى السياسية تعانى من وقت فراغ حاد، وقررت أن تدعو لمليونية بدلا من اللعب فى مناخيرها، كما كان يفعل الرئيس المخلوع مللا أثناء الجلسة الأولى من محاكمته.
لا أعرف لماذا لا توجه تلك القوى جهودها فى إعادة الانتشار بالشارع المصرى، والبحث عن الناخب الذى ينقذها يوم العرض على صندوق الانتخاب، رغم أنها الأحوج بين كل التيارات إلى ذلك؟
أمر آخر طرحته مليونية «فى حب مصر» التى لم تنجح حتى فى أن تكون «ألفية»، وهو أمر يخص القانون وضرورة احترامه، واحترام الدولة حينما تطبقه بقوة، والمقصود بالكلام هنا تلك الاشتباكات التى حدثت بين بعض المتظاهرين وقوات الأمن المركزى لمنعهم من دخول حديقة الميدان، وفى ذلك الأمر دعنا نقر ونعترف بأن من حق الدولة أن تستخدم قوة القانون فى حماية القانون نفسه إذا تجاوزه المتظاهرون.. باختصار.. المتظاهر يظل مواطنا ممارسا لحقه الدستورى والديمقراطى، ولكنه يتحول إلى شىء آخر حينما يقرر أن يرتدى ثوب الجعجعة، متخيلاً أن الديمقراطية تمنحه حق قطع الطرق، أو احتلال ما شاء من المساحات للهتاف من فوقها.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
motaz
الله
بدأت احب اقرأ لك
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
يسلم لسانك
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
هايل
عدد الردود 0
بواسطة:
نادر حبيب
أحسنت
عدد الردود 0
بواسطة:
د.ابراهيم
بدأت أحبك والله...
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
هو ده الكلام
عدد الردود 0
بواسطة:
zlzal
zlzal
عدد الردود 0
بواسطة:
ام مصرية
قلت كل اللي في نفسي ونفس اخرين
اشكرك لانك عبرت عنا
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال المهدى
كلام جميل
بصراحة كلامك جميل ومفيد00
عدد الردود 0
بواسطة:
Waleed
صح الصح