يتميز الشعب المصرى على مدى تاريخه بالتسامح والعفو، فهو شعب يميل بطبيعته للود والرحمة، لذلك نجد المواقف الإنسانية تؤثر فيه بسرعة البرق، وتنسيه ما تعرض له من ظلم وإجحاف، وقد ظهر ذلك بوضوح بعد ظهور الطاغية مبارك أثناء المحاكمة، بمظهر المريض المستضعف، فقد وجدت البعض يتعاطف معه، ويردد: «كفاه ذلاً أن يخرج أمام الكاميرات بهذه الصورة»، بل وصل الأمر بالبعض لأن يطالب بالعفو عنه.
ولا ينكر أحد أن الرحمة مطلوبة مع كل المخلوقات، والعفو أمر محبب للنفوس، لكن فى حالة الطاغية مبارك وابنيه علاء وجمال، وعصابتهم التى أفسدت مصر على مدى 30 عاما، ونهبت ثروات الوطن، فالأمر يختلف كثيرا، فهؤلاء المجرمون استعبدوا شعبنا، واستحلوا كل حقوقه، وأجبرونا على تجرع الديكتاتورية والكبت السياسى، بل دفعوا بنا إلى نيران الفقر والمرض دون أدنى رحمة، معتبرين كل من يخالفهم لا يستحق الحياة.
إن عدل الله أوجب علينا القصاص، حتى تهدأ النفوس وتستقر المجتمعات، وترد الحقوق لأصحابها، ويتعظ الطغاة والظالمون، فالله العادل يعفو عن كل المظالم إلا ما يتعلق بحقوق الآخرين، حتى يرتدع من يحاول ظلم أخيه الإنسان.
فالتسامح مع مبارك وعصابته جرم، لابد أن نترفع عنه، فهؤلاء لم يكتفوا بجرائم السرقة والفساد والاستبداد السياسى، بل سفكوا دماء شبابنا الأحرار وقتلوا زهرة شباب الوطن، الذين خرجوا بالملايين فى أيام ثورتنا المباركة، لفك أسر مصر من هذه العصابة المجرمة، فمبارك المتمارض والعادلى المتكبر وجمال الفاسد، خططوا بالليل لقتل شهداء ثورة يناير، بل وطالبوا الجيش بإطلاق الرصاص الحى علينا، فليتصور من يتعاطف معهم ماذا كان حال البلد، لو استجاب الجيش وقياداته لهذا المخطط الشيطانى، الذى كان يستهدف الإيقاع بين الجيش والشعب، فهؤلاء المجرمون كانوا يريدون أن يصعدوا لكراسى الحكم، على جماجم شبابنا.
إن محاكمة مبارك وعصابته، انتقاما ربانيا للمظاليم الذين ذاقوا ويلات العذاب فى ظلمات السجون، فى عهد هذا الطاغى، فقد رأيت بعين رأسى زبانية أمن الدولة يتفنون فى تعذيب شباب، لا جرم لهم إلا أنهم أرادوا أن يقدموا لوطنهم جهدا مخلصا، لكى تنهض مصر من كبوتها، بل سمعت بأذنى هؤلاء الزبانية، يجبرون شباب التيار الإسلامى، الذين يعذبونهم على النطق بكلمات الكفر، بل منهم من انتهك الأعراض واستباح الحرمات، وكل ذلك كان بمباركة طاغية عصره مبارك وتحت سمعه وبصره.
إن سجل قضية هذه العصابة، مسطر بدماء الشهداء، ومدون بقلم الاستبداد والفساد، ومثقل بالجرائم التى أقل عقاب لها الإعدام، فلا تستكثروا على من ظُلموا أن يستردوا حقوقهم، بمحاكمة عادلة لم نرها فى ظل حكم الطاغية، الذى دأب على محاكمة معارضيه بمحاكمات استثنائية وعسكرية، بعيدة كل البعد عن معانى العدل.
وعلينا غدا ألا نتأثر إذا ظهر مبارك علينا أثناء المحاكمة بنيولوك مرضٍ جديد، ليدغدغ به العواطف، ويكسب به التعاطف، ولكن علينا أن نستحضر صور الشهداء، وقلوب ذويهم المحروقة بنيران الطغيان، ومصر التى عاشت سنين عجاف تحت حكمه، فهذه المشاهد ستجعلنا لا تأخذنا بمبارك وعصابته رحمة ولا رأفة.
لقد آن الأوان أن نضع الأمور فى نصابها، ونُرشد عواطفنا، ونقيم العدل الذى افتقدناه على مدى 30 عاما، ونثأر لشهدائنا بالقانون والدستور، ونضرب للعالم المثل فى محاكمة عادلة للطغاة تروى ظمأ المظلومين، ونطوى بها هذه الصفحة المظلمة من تاريخنا، ويكونون هؤلاء المجرمون عبرة لمن يعتبر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مجدي حسن
الله عليك يا هاني
عدد الردود 0
بواسطة:
lion heart
لقد آن الأوان أن نضع الأمور فى نصابها، ونُرشد عواطفنا،
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالرحمن
سيادة المخلوع الدكتاتور
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالغني جاب الله
الى كاتب المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالرحمن
سيادة المخلوع الدكتاتور
عدد الردود 0
بواسطة:
مخنوقه من هاني صلاح الدين
الله لا يرحمك يا سيدي
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالرحمن
سيادة المخلوع الدكتاتور
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالرحمن
سيادة المخلوع الدكتاتور
عدد الردود 0
بواسطة:
نادر حبيب
نعم نعم نعم
عدد الردود 0
بواسطة:
عاشق تراب مصر
اعدام مبارك