تمر مصر الآن بلحظات فارقة فى تاريخها المليئة صفحاته بالتضحية وحب أبنائها وحرصهم على مصالحها العليا، وأن تبقى دائما منارة للعالم يهتدى إليها الحيارى والتائهون، ويتعرفون على حضارتها العظيمة وشعبها الأصيل.
كان على القوى السياسية أن تكون على وعى بحجم ومكانة هذا البلد، وأن يحرص قبل أن تقبل على أى شىء على صورة مصر أمام العالم، وتحترم ذكاء عقليات كل المصريين، وتلتفت إلى الصالح العام والشأن المصرى فى وقت يتطلب تضافر الجهود، لقيادة الوطن إلى بر الأمان.
لكن للأسف، لا تزال تدور رحى حرب المليونيات، وأصبحنا بحاجة لمليونية لوقف المليونيات التى لا داعى لها إلا أن يرد تيار أو فصيل سياسى على آخر نجح فى حشد الجماهير وتعبئة الميدان حتى وإن كانت المليونية بلا هدف.
مليونيات أنتجها الفراغ والاستهبال والهتاف من أجل الهتاف واستعراض العضلات، وأخشى ما أخشاه أن يخسر المصريون سلاحهم القوى والفعال الذى يستخدمونه فى الضغط على المجلس العسكرى والرأى العام وقت شعورهم بالظلم وسرق ثورتهم.
مسميات فقط "وحدة الصف" "فى حب مصر" "الجمعة الحزينة" وتحالفات خداعة ظاهرها فيه الرحمة وباطنها فيه العذاب، والقوى السياسية مشتتة وتحتاج إلى الوحدة وتصفية الخلافات، والخروج من دائرة الماضى الذى أصبحوا أسرى له، ولا يعرفون طريقة أخرى إلا التى كانوا يتعاملون بها فى وجود النظام السابق.
ولا أدرى إلى الآن، لماذا لا تقوم تلك القوى السياسية بحشد جهودها لإعادة ثقة المواطن فيها، والعمل من أجل الناخب الذى سوف يقف ليختار أمام صندوق الانتخاب، ويرتبط مصيرها بتأييده ودعمه، وتقبل معا على بناء مصر الحديثة.
حذرت مرارا من أن بعض الجموع لن يكون هناك سقف لمطالبها، وقد أعجبهم الميدان والتجمع وتسلية أوقاتهم، وسيظلون دائما يطمحون فى المزيد، لأن عنادهم هو قائدهم وحركهم، ولكن هذا العناد لا مجال له الآن وسوف يتجه بنا إلى نفق مظلم.
كان يجب على الليبراليين ودعاة الدولة المدنية والإسلاميين أن يتصالحوا ويتحدوا من أجل مصر، ويدركوا أن التوافق الوطنى هو الوسيلة المثالية لعبور الفترة الانتقالية بدلا من الانقسام والاستقطاب الذى جعل الكثيرين ينفضون من حولهم ويبحثون عن الحرية فى عالمهم الجديد.
ملأنا مصرنا حرية، وعلينا أن نملأ صدورنا وقولبنا بنسيم الحرية التى افتقدناها ثلاثين عاما، لكن هذا لا يعنى أن نظل نرتكب وننتظر أن تتحسن الأوضاع بمليونيات والشعارات غير الهادفة، بل بالعمل والسعى لبناء مصر الحديثة التى تستحق من شعبها أكثر من ذلك.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد هيكل
مليونية الفاضى بيعمل قاضى
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد الدق
الاتحاد صعب جدا"