بما إننا فى شهر رمضان، حيث يختفى شياطين الجن، ويحترم شياطين الإنس أنفسهم، كنا نتصور أن شياطين التوك شو, سوف يحصلون على هدنة، يريحون خلالها أفواههم، ويجددون حيويتهم السياسية، ويكفون عن الجدل والسفسطة. ربما كان شهر واحد يكفى لتعود المياه إلى مجاريها بين المواطنين وبعضهم، بعد أن فرقهم شياطين التوك شو، وأصابوهم بأرتكاريا سياسية، وتلبك عقلى، ومغص سياسى، مصحوب بهرش مخ.
لكن نقبنا جاء على شونة، وعلمنا أن عددا من قراصنة التوك شو، سوف يواصلون الظهور والكلام فى البنى آدمين ليعيدوا حالة الانقسام «السياسو توكشوية»، بين ممثلى الائتلافات الأصلية، وائتلافات اليوم الواحد الكارت والخط. والمتحدثين باسم الثورة واسم النبى حارسهم الفلول.
كان الأجدى أن نستغل شهر رمضان الكريم فى الصيام عن الكلام، والانقسام، وصراعات الديوك، والتوكشوى الفردانى، من أمثال الأستاذ توتو الأصلى. والأساتذة توتو أبوشرطة، أو أبوصليبة، وأبو أربعة وأربعين. ونتوقع فى رمضان أن نرى فلوليا يتحدث عن المستقبل، ويقدم تحاليله السياسية فى كبسولات، فيخرج توكشوى آخر ثورة مقلم، ليطلق علينا طلعته البهية فى محطته الملاكى ليسكب تحاليله حقنا أو أقماعا، لاتختلف عن منتجات الفلولى، المعمل واحد، والكلام واحد، والفرق فقط فى الاسم والصفة وتون الصوت.
ربما يكون من الأجدى أن يتوقف السادة الثوريون الجدد والسياسيون الجدد عن اللت والعجن، وتوقيع الناس فى بعضهم، ويستغلوا الشهر الكريم فى توحيد الناس، ومحاولة شرح ما هو غامض. أو ليصوموا شهرا مع الشياطين، ويكسبوا ثوابا فى المواطنين.
زمان فى عصر الحزب الوطنى «المحلول»، كنا نتفرج على جلسات البرلمان، وكان الدكتور فتحى يتفنن فى ابتكار المبادىء فوق الدستورية، وتحت المائية، ليحول الاستجوابات إلى مسخرة، ويعود بالجدل إلى الجدول، وكان مجلس الشعب يلعب دور مجلس الشعب دون أن يؤدى دوره، ونفس الأمر كان مجلس الشورى بقيادة المايسترو صفوت الشامل، كلاهما كان يمارس لعبة مسرحية يوميا، ومعهم النواب يبتسمون وهم يلعبون أدوارهم المسرحية، وكان المواطن يكاد ينفجر من الغيظ، ولا يملك إلا أن يضحك ثم ينام من كثرة الضحك الذى كان كالبكا. وكانت جلسات البرلمانات شو، تتوقف فى رمضان لأن النواب والترزية كانوا يفضلون الابتعاد عن الكذب. مع أنهم كانوا يكذبون طوال السنة بلا خجل أو كسوف.
أما الآن فالسياسيون الجدد والقدماء والفلول فى ملابس الثورة، والثوريون فى ملابس المجانين، كلهم يمارسون الكذب، يقولون كلاما، فإذا واجهوا الكاميرا يقلبون كلامهم ويقولون عكس ما يعتقدون. والنتيجة مزيد من الانقسام والنميمة. وقليل من السياسة.
وهو أمر يعود بعد أن تصورنا أنه سيتوقف فى رمضان.. حيث لا أمل فى أن يصوم شياطين التوك شو عن الكلام شهرا واحدا، ربما نكسب منه أعواما.