خالد أبو بكر

ثورة آل مبارك

الأحد، 21 أغسطس 2011 09:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تعتقدون أن ما فعلته الثورة فى مبارك وأبنائه وأتباعه سيمر مرور الكرام؟ هل يمكن أن نهدم هذا الصولجان الكبير؟ وهل يمكن لنا محو العائلات التى كانت تأمر لتطاع وأبناء هؤلاء الذين كانوا يمشون فى الأرض مرحا؟ وهل هؤلاء سيرضون بحكم الثورة وبعد أن كانوا أسيادا فى دولة الظلم يتساوون بغيرهم من عامة الناس بعد الثورة؟ وهل سيستخدمون ما جمعوه من مال طوال السنوات الماضية لمحاربة هذه الثورة؟
الإجابة بكل تأكيد أننا لابد أن نتوقع ثورة يقوم بها هؤلاء مجتمعين، فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن نتخيل أن هؤلاء سيرضون بهذه الهزيمة دون مقاومة، والحقيقة هم الآن فى لحظة ترنح بعد الضربة القوية التى وجهتها الثورة لرأس النظام.

البداية ظهرت فى مجموعات صغيرة حضرت جلسة محاكمة مبارك الماضية، حيث تجمعوا أمام مقر أكاديمية الشرطة، بعد أن ارتدوا زيا موحد كتبوا عليه عبارات الولاء للرئيس السابق، وكانت هناك أتوبيسات تنقلهم من مكان تجمعهم، وكان عددهم تقريبا مائة شخص ولكن للحقيقة تشعر وكأن هناك إدارة ما جمعتهم بهذا الشكل، وأمام كاميرات العالم لكى يوصلون رسالة معينة.

ولأول مرة يسمع صوت مؤيد لمبارك فى جلسة محاكمته بعد أن استطاع بعض من هؤلاء دخول القاعة، وبدأ أحدهم فى الهتاف للرئيس السابق، الأمر الذى دعى نجليه جمال وعلاء إلى لفت نظر والدهما إلى هذه الهتافات، وطلبوا منه أن يحيى هؤلاء، وقام جمال مبارك برفع يده بعلامة النصر، وهو ينظر إليهم وكأنه واثق من حدوث شى ما.

ولعل تحية الرئيس السابق لهؤلاء وإشارة جمال مبارك لهم، ستعد دافعا معنويا لهم كى يأتون الجلسات القادمة وبعدد أكبر.

أنا لا أستطيع أن أمنع أى شخص من التعاطف مع حقبة زمنية أو مع مسؤول معين، إلا إننا فى محكمة تحكمها قواعد القانون، ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن تتحول إلى مناظرة انتخابية أو مؤتمر جماهيرى.

كما أن هذه المشاهد أثارت استفذاذ أسر الشهداء والمصابين، الأمر الذى دعاهم بدورهم إلى نشر دعوات لتنظيم الحضور فى الجلسات القادمة.

كما أن تعامل القائمين على تأمين هذه الجلسات مع المتهمين هو أمر يستحق التعليق، فلا يعقل أن نجد علاء مبارك يتجول أمام عدسات التلفزيون، بل ويقوم بالاعتداء على الكاميرات ويمنعها من التصوير، وكأن لديه قوة ما داخل مجتمعنا لا نعرفها نحن بل يعرفها من سمحوا له بالظهور بهذا المظهر الذى له دلالة كبيرة.

فإذا رأى أى شخص فى الحكم الآن أنه لن يستطيع أن يعمل القانون ويحترمه، وأنه نتيجة لماضيه أو لحاضره لن يستطيع تطبيق القانون على هؤلاء، أنا أدعوه إلى ترك منصبه، وإتاحة الفرصة لغيره من هؤلاء الذين لا يخشون فى الحق لومة لائم، والذين إذا سرق فيهم الكبير حاكموه قبل الصغير.

ولابد أن تعى وتتوقع وزارة الداخلية أن هذا الأمر بالغ الخطورة، فالطرفين هم من أبناء المصريين، ويجب على الداخلية حمايتهما، وأيضا العمل مبكرا على تجنب وقوع أى صدامات بين الطرفين.

لكن السؤال هل سيظل عدد هؤلاء بالمئات أم سيتزايدون؟ هل ستنضم إليهم مجموعة العائلات التى أضيرت من الثورة، وأعضاء الحزب الوطنى المقضى بحله؟ الحقيقة أنا لا أعلم، ولكن أتمنى أن نعى جميعا أننا مصريون ننتمى إلى أرض واحدة، ويجمعنا تاريخ واحد ولا يمكن بأى حال من الأحوال نرضى بهذا المشهد الذى نقلته جميع كاميرات وكالات الأنباء العالمية، حينما وقف المصريون يقذفون بعضهم بالحجارة بين مؤيد ومعارض لمحاكمة الرئيس السابق.

حقيقة كان مشهدا حزينا على كل من يفكر بعقله، حيث أن الخسارة لنا جميعا، فالمصابون من الطرفين حملتهم عربة إسعاف واحدة، ونقلوا إلى مستشفى واحدة يشاركون جميعا فى ثمن العلاج بها.

لكن ما يجب أن يصل إلى الجميع، أنه بداخل المحكمة لا توجد آراء أو مشاعر بل يوجد قانون.. قانون قررنا أن يسود على الجميع دون تفرقة، وقاض مصرى يحكم فيما بيننا وفقا لضميره ودون هوى أو اتجاه معين وبعيدا تمام عن المواقف السياسية، ليخرج لنا بحكم نقف له جميعا احتراما.

وليس نحن من أتينا بهؤلاء إلى قفص الاتهام، بل أفعالهم الإجرامية هى التى أدت بهم إلى ذلك، ولم يقم الثوار بحملهم على الأكتاف والإتيان بهم إلى المحكمة، بل قامت النيابة العامة باتخاذ الإجراءات القانونية السليمة معهم، وبعد أن اقتنعت بأنهم مدانون قررت إحالتهم إلى المحكمة.

ولعل الهدف الأول من هذه المحاكمات، هو الإجابة على أهم سؤال يشغل بال كل المصريين، من الذى قتل أبناءنا فى الفترة من 25 إلى 28 يناير الماضى؟ وبأى ذنب قتلوا؟ وهل كان من المفترض أن نطلب من أب أو أم حرموا من أبنائهم ظلما، أن يقفوا عاجزين عن القصاص لحقهم؟ إننا نقوم بعمل شرعى كفلته كل شرائع الدنيا، نقتص للمقتول من القاتل بالعدل، ونرجع الحقوق المغتصبة لأصحابها، ونحكم على كل جانى بالعقوبة التى يستحقها تحقيقا لردعه، وردع كل من تسول له نفسه مخالفة القانون.

إننا بهذه المحاكمات نعلم العالم أجمع كيف أن مصر بعد الثورة لن يكون بها أسياد وعبيد، وأن الجميع حاكما ومحكوما يقفون أمام القانون سواء،
إلا إننى أحذر من أن يأتى يوما يقف فيه المصريون ضد بعضهم البعض، يتعاركون وتسيل دمائهم وينقل العالم هذه الصورة التى تبكى القلوب.

وفى نفس الوقت على كل من ثار لإقامة دولة القانون ألا يحرم أى شخص من التعبير عن رأيه، طالما أنه يحترم القانون، وعلى الجهات القائمة على الأمن أن تحول وبإيجابية دون حدوث أى صدامات بين المصريين.

وليعرف الجميع أننا ومهما كانت التضحيات، لن نتوان لحظة عن القصاص لأرواح الشهداء من كل من تسببوا فى استشهادهم، مهما كانوا ومهما كان لديهم من قوة.

ولنا سطور أخرى فى الأسبوع القادم إذا كان فى العمر بقية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة