شركة صوت القاهرة من أهم المؤسسات الإعلامية والفنية فى مصر، كانت أول شركة رائدة فى الشرق الأوسط فى إنتاج الأسطوانات عندما أنشأها الموسيقار محمد فوزى، وأنشأ معها مصنع الأسطوانات بالإسكندرية، كان هدفه الرئيسى أن تكون أول مصنع لإنتاج الغناء والموسيقى فى المنطقة، ثم أممتها الثورة، وجعلت فوزى مشرفاً عليها باعتباره يعرف كيف يديرها، وبعيداً عن تفاصيل التأميم فى الستينيات فقد حافظت هذه الشركة على التراث الغنائى المصرى منذ جيل العمالقة سيد درويش والخلعى وزكى مراد وبعدهم أم كلثوم ونور الهدى ونازك وشادية وفايزة ونجاة ووردة.. إلخ وحتى جيل هانى شاكر والحجار والحلو مروراً بالأجيال الوسيطة بخلاف تسجيلات القرآن بصوت عمالقة القراءة المصريين، وهو من أهم الأدوار الحضارية لوجه مصر وأمنها الثقافى وقوتها الناعمة، ثم دخلت مجال الإنتاج الدرامى، وتبوأت مكانة رائدة حتى صارت منافساً لقطاع الإنتاج، وكان القطاع وصوت القاهرة يمثلان جناحى طائر الدراما المغرد فى مصر والوطن العربى، ويحافظان على مكانة مصر فى هذا المجال، وهذا العام لولا إنتاج شركة صوت القاهرة ما وجدت شاشات التليفزيون المصرى أعمالاً تعرضها هذا العام، ولكن هناك ملحوظات عامة على انتاج الشركة وطريقة إدارتها:
أولاً: الإنتاج فى معظمه هزيل وينم عن قصور شديد فى الإنتاج وفى المستوى الفنى للأعمال.
ثانياً: كل العاملين فى المسلسلات المعروضة يشكون من عدم حصولهم على مستحقاتهم المالية، ووصل الأمر لشكاوى فى أقسام الشرطة وفى النقابة.
ثالثاً: يتعامل القائمون على الإنتاج بمنطق الشللية المفرطة، فتجد عددا معينا من الممثلين مفروضين فى كل الأعمال إما لصلة القرابة أو المصالح.
رابعاً: هناك عبث شديد فى ترتيب أسماء الممثلين فى تيترات المسلسلات فهى تتم حسب الهوى والانتماء لشلة الإنتاج، وحتى إننى فوجئت بأن تيترات بعض الأعمال تغيرت بعد عرضها حسب هوى مديرى أو مسؤولى الإنتاج ضاربين عرض الحائط بسلطة المخرج فى عمل التيتر، وعندما تترك الأمور الفنية لمديرى الإنتاج والموظفين فقل على الدراما والفن والقواعد المهنية يا رحمن يا رحيم، ناهيك عن أن كثيرا من الممثلين من الوجوه الجديدة لا يحملون تصاريح عمل من النقابة لأنهم قادمون عبر الوساطة أو قانون الشللية.. أنا أعلم أن رئيس الشركة الجديد الأستاذ سعد عباس غير مسؤول عما حدث قبل مجيئه من تراكم للخلل الإدارى والفساد الفنى فى الشركة، ولكنه فى نفس الوقت لن يستطيع إدارة الفترة المقبلة بدون نسف عشش الفساد وعنكبوت المصالح داخلها. إن المرحلة المقبلة تتطلب إدارة واعية وعزيمة من فولاذ لأنه وسط مناخ الفوضى والشللية هناك قابلية لهدم المعايير وما سمعته من وجود شلة معينة تسيطر على الأمور داخل الشركة حتى أنهم يصعدون بمن يريدون سواء فى الأجور أو المكافآت أو التيترات أو بتوزيع الأدوار.. إلخ ويخسفون بمن يريدون الأرض، هذا كله يمثل ندبة سوداء كبيرة فى جبين هذه الشركة ذات التاريخ العريق، والتى نطمح أن تسد فجوة الإنتاج الفنى فى مصر خلال المرحلة المقبلة. وتعلو بهامة الدراما المصرية مستقبلا. إن الثورة المصرية لابد أن تصل لهذه المؤسسات، التى للأسف لا يزال صغار الموظفين والصف الثانى والثالث بها.. يحكمونها ويتحكمون فى مصائرها بنفس أسلوب الحزب الوطنى وفلول النظام البائد الفاسد، فهل يستوعب سعد عباس الإعلامى والمثقف الكبير والنظيف ما يحاك حوله وضده من الشلة إياها، وهل سيكون عند حسن الظن، ويجعل الثورة تصل لمكامن الفساد فى هذه المؤسسة الإعلامية والفنية المصرية الخطيرة.. نتعشم؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مني
القلم المحايد و تضارب المصالح